فاروق جويدة
رحل انيس منصور وبقى مكانه خاليا ..كاتبا وصديقا فما زلنا نفتقد قلم انيس منصور وأسلوبه وخفة ظله وحكاياته..ومقالبه..وقد عانيت كثيرا طوال صداقتنا من مقالب أنيس منصور..ذات ليلة كنت اتحدث معه وكان رئيسا لتحرير آخر ساعة قبل ان يلتحق كاتبا لعموده الاشهر فى الأهرام وطلب منى ان اذهب اليه فى مكتبه فى اخبار اليوم وكنت ليلتها فى الأهرام..وحين دخلت عليه المكتب انطلق نحو الباب مرحبا بى وهو يقول اهلا يا فندم.
وتعجبت فى البداية من هذا الاستقبال وهذه الرسميات وحين اقتربنا من المكتب رأيت شخصا لا اعرفه وقدمه لى عثمان بك العبد مدير الاعلانات فى الاخبار وقدمنى قائلا الاستاذ فاروق هويدا شقيق رئيس وزراء إيران فى عهد الشاه فى ذلك الوقت عباس هويدا..وعانقنى الاستاذ العبد ورحب بى بشدة وانا لا افهم شيئا مما ارى واسمع وقبل ان نجلس قال انيس منصور ان الاستاذ هويدا يتحدث العربية بطلاقة يا عثمان بك وانطلق العبد يشكو لى من شقيقى رئيس الوزراء الوهمى بانه يعطى كل اعلانات ايران لجريدة الاهرام ولا يعطى الاخبار شيئا وبدأ يتحدث عن الفارق بين الاهرام والاخبار وبالطبع كانت الاخبار هى الافضل فى رأيه وانه على استعداد لان يقدم لشقيقى رئيس الوزراء اى شيء وفى هذه اللحظة دخل علينا الراحل الكبير على امين وسمع الحكاية والمقلب الذى دبره انيس منصور وخرج عثمان العبد يلعن اليوم الذى تقابلنا فيه وظل رحمة الله عليه يتذكر القصة كلما رأنى
> دعوت أنيس منصور على الغداء فى الأهرام مع الدكتور فؤاد ابراهيم الاقتصادى الكبير واحد اعمدة الاهرام مع الاستاذ هيكل فى عصره الذهبى وحين جاء وقت الغداء اتصل بى الزملاء فى الاستقبال واخبرونى ان الاستاذ انيس جاء ومعه 27 محررا وعاملا من مجلة اكتوبر ودخلوا جميعا إلى كافتريا الاهرام واكلوا ما فيها من الطعام وشربوا ما فيها من المشروبات وانيس منصور يقول كنت حريصا ان البى دعوتك ولم انس هؤلاء الذين يعملون معى فى المجلة كلما صغرت الاشياء والبشر تذكرت زمن الكبار وافتقدت انيس منصور.