فاروق جويدة
نجحت النخبة التونسية فى ان تتجاوز الكثير من سلبيات ثورات الربيع العربى التى انطلقت شرارتها الأولى على ارض تونس..من هنا كان حصول هذه النخبة على جائزة نوبل للسلام ممثلا فى الرباعى الراعى للحوار الوطنى والذى تكون من أربع منظمات أهلية قامت بدور الوساطة بين القوى السياسية..من هنا كان تقرير جائزة نوبل الذى أكد ان هذا الحوار هو الذى جنب تونس الحرب الأهلية والتى كان من الممكن ان تعصف بكل انجازات ثورة الياسمين ان الفرق بين القوى السياسية التونسية بما فيها جماعة الإخوان وبقية القوى فى الدول العربية الأخرى التى قامت بها ثورات مماثلة ان مستوى التعليم فى تونس ودرجة الوعى السياسى لدى النخبة التونسية كان من أهم أسباب نجاح الثورة واستمرارها بينما تعثرت فى دول اخرى حتى وصلت إلى الحرب الأهلية كما حدث فى ليبيا وسوريا واليمن..وحتى إخوان تونس كانوا شيئا مختلفا واستوعبوا الدرس بسرعة وكان تقبلهم للديمقراطية بمفهومها الصحيح أكثر فاعلية واستجابة للأمر الواقع .. لم يتشبث إخوان تونس بالسلطة ولم يتمسكوا بها ومن هنا كان احترامهم لإرادة الشعب التونسى حين رفض تسلطهم على سلطة القرار .. ان الفضل فى ذلك يرجع ايضا إلى ان الشعب التونسى قد عاش تجارب سابقة أكثر عمقا مع الديمقراطية وكان الاقتراب من الغرب خاصة فرنسا من أهم أسباب هذا الانفتاح الفكرى والثقافى والسياسى .. لا بد ان نعترف ان تجربة الثورات العربية قد تعثرت أمام ظروف اجتماعية وثقافية كانت تونس لحد ما بعيدة عنها .. ومن هنا خرجت الثورة التونسية من المأزق وحققت مكاسب كثيرة جعلت مجموعات أهلية عادية تفوز بجائزة نوبل كان فى مقدمتها اتحادات الشغل والصناعة والتجارة والمحامين ورابطة حقوق الإنسان هذه النخبة البسيطة الواعية هى التى منحت شعبها هذا التقدير فى حين ان هناك نخبا أخرى كانت وراء اشتعال الحروب الأهلية وضياع ثروات شعوبها وأحلامها فى التقدم..لقد اثبت الشعب التونسى ان الديمقراطية ليست مستحيلة وان الحوار ليس بعيداً وان الثورات يمكن ان تكون طريقا للبناء والرخاء والحرية..مبروك للشعب التونسى الشقيق