فاروق جويدة
أخطأ شباب مصر الثائر حين تركوا ميدان التحرير فى أحداث يناير وعادوا إلى بيوتهم متصورين أن الثورة نجحت وان العهد البائد مضى وان العدالة والكرامة الانسانية والحرية تدق ابواب المحروسة..اخطأ الشباب حين تخيلوا ان براءة العمر يمكن ان تواجه الفساد الأعمى وان صدق النيات يمكن ان يتصدى للنفوس الدنيئة وان الطهر يمكن ان يواجه غشاوة القلوب المظلمة.
اخطأت اجهزة الدولة المصرية وهى تعلم ان الذين قتلوا شهداء الثورة من حزب الله وحماس ولم تقدم حتى الآن الادلة التى توضح لنا كشعب كيف يمكن لعشرات الاشخاص ان يخترقوا ترسانة امنية كانت الدولة تنفق عليها 23 مليار جنيه سنويا وتلجأ اليها الدول الكبرى لتستعين بها فى خطط الانضباط الامنى وتعذيب المعارضين..اخطأت اجهزة الدولة الرسمية وهى حتى الآن لا تعرف الرقم الحقيقى لشهداء الثورة..عند وزارة الصحة ارقام تخالف تماما ما جاء فى ارقام وزارة الداخلية وهذا يتعارض مع ارقام المجلس القومى لحقوق الانسان وجاءت بعد ذلك ارقام اخرى تتعارض تماما مع الحقيقة كم عدد الشهداء يا سادة واين حرمة الدم فى هذا الوطن..اخطأت جهات التحقيق فى احداث الثورة فى رصد ما حدث بل أن هناك حقائق كثيرة تغاضت عنها هذه الجهات ولهذا ضاعت حقوق الشهداء..
اخطأت النخبة المصرية حين صدقت الأخوان فى اننا جميعا شركاء ثورة وشركاء مستقبل واتضح أن الأخوان لا عهد لهم..واخطأت النخبة نفسها حين غابت عن الشارع وابتعدت عن الناس وتركت فلول النظام السابق يتباكون على الفضائيات على أمجاده الراحلة وهى اكبر قصص للفساد والتحايل شهدتها مصر فى تاريخها الحديث..اخطأ الشباب حين خدعتهم الاحلام الملونة والامانى الكاذبة وبعد ان حملتهم الاعناق فى ثورة كانت حديث العالم كله ينامون الآن فى المعتقلات والسجون ولا يجدون من يبكى عليهم..اى زمان هذا الذى اعطى البعض الحق فى تكفير الناس بالباطل..والقى الشرفاء فى السجون وجعل الثوار خونة والبس العملاء اثواب النضال ونشر ابواق الضلال والسفه على الفضائيات كل ليلة تضلل الشعب وتبيع مستقبل الوطن لحساب من باعوه من قبل آلاف المرات.