فاروق جويدة
رحل جورج جرداق صاحب هذه ليلتى واحدة من أشهر القصائد التى جمعت كوكب الشرق وموسيقار الأجيال.. امتد العمر بجرداق شاعر لبنان حتى تجاوز الثمانين ومات ولم يستطع أن يتسلم جائزة الابداع الشعرى اكبر جوائز مؤسسة البابطين بسبب مرضه..أتاحت لنا الظروف أن نلتقى أكثر من مرة وفى اللحظات الأخيرة لم يتم اللقاء لسبب أو أخر.
كانت قصيدته الشهيرة هذه ليلتى قد صنعت منه نجما فى حديقة الشعر العربى ولكنها كانت قصيدة وحيدة..اختارها عبد الوهاب وأعجبت بها أم كلثوم لتصبح واحدة من أجمل وأعذب ما غنت . كان جورج جرداق شاعرا وباحثا فرغم انه مسيحى الديانة فقد كتب موسوعة رائعة عن سيرة سيدنا على بن ابى طالب كرم الله وجهه فى خمسة اجزاء وقد لاقت تقديرا كبيرا من كل التيارات الإسلامية داخل لبنان واحتفت بها الطوائف المسيحية والاسلامية ..أن الشئ الغريب أن جورج جرداق كان شاعرا مجيدا ولكن شعره لم ينتشر وظل حبيسا للقصيدة الوحيدة التى اشتهرت ووضعته فى كوكبة من الشعراء الذين غنت لهم سيدة الغناء العربى من عدد من الدول العربية.. كانت هذه ليلتى من اختيارعبد الوهاب حين التقى مع جورج جرداق فى لبنان فى موسم الصيف فى عام 67 وأعجب بالقصيدة وبدأ فى تلحينها..وهى من اجمل القصائد التى غنتها سيدة الغناء العربى وقد غناها عبد الوهاب بصوته فى احد لقاءاته مع الملك الحسن ملك المغرب الراحل وغضبت آم كلثوم من ذلك رغم أن السنباطى غنى بصوته الأطلال ورباعيات الخيام وعودت عينى كما غنى عبد الحليم بعض اغنياتها بصوته .. كانت أم كلثوم حريصة على أن تبقى أغانيها حقا لها وحدها .. ومع رحيل جورج جرداق يفقد لبنان صوتا من اصواته الشعرية المميزة ويخسر الشعر العربى شاعرا مجيدا رصينا من تلك المدارس العتيقة التى أضافت الكثير للوجدان العربى .. وسوف تبقى هذه ليلتى واحدة من القصص المثيرة والجميلة فى حكايات الف ليلة وليلة وقد اكتفى جورج جرداق بليلة واحدة اجمل من كل الليالى.
http://fgoweda@ahram.org.eg