فاروق جويدة
لا تتصور ان القبح يمكن ان يكون سيد الأشياء فسوف يبقى قبحا ولا تتخيل ان الجمال يمكن ان ينسحب من حياة البشر ويترك خلفه اشباحا.. سوف يبقى الحب رغم المساحات الشاسعة من الكراهية التى تأصلت فى قلوب الناس..لا تتصور ان فئران الحديقة يمكن ان تكون بديلا للعصافير والفراشات الجميلة قد يبدو العصفور ضعيفا وقد تبدو اجنحة الفراشات هزيلة واهية امام صراخ الفئران ولكن الفئران نهايتها الأحذية..والعصافير سوف تبقى دائما فى القلوب..كنت دائما على يقين ان الأشياء تطهر نفسها.
وان تلال القمامة حتى وان حاصرتنا بعض الوقت وانتشرت كالأوبئة على الشاشات والأوراق واخذت امامها الكثير من القيم والأخلاق والثوابت، كنت مؤمنا بأن القمامة سوف تبقى قمامة وان الجمال الذى انسحب من حياتنا سيعود شامخا منتصرا كما كان..فى كثير من الأحيان كنت اشاهد وجوها ينبغى ان تسكن الجحور ولكنها فجأة وجدت الأضواء حولها من كل جانب وتصورت ان الفأر يمكن ان يكون غزالا بل ان هذه الفئران تحولت الى كلاب شرسة.. وفى كل يوم كانت الفئران تزداد عددا وتزداد صراخا والعصافير الهاربة تقف بعيدا..سكتت عن الغناء وهربت من اعشاشها..ودخلت فى حالة من الصمت الرهيب..كان الليل وهو يلقى ظلاله على النفوس الخائفة يفتح ابوابا جديدة كل يوم لحشود الفئران تقتحم البيوت وتشوه الحقائق وتخيف الآمنين الصامتين من البشر.
الكلاب الشرسة تحاصر البيوت بالظلم والبهتان وتراها كل ليلة تمارس كل الوان الدجل والكذب من أين جاءت كل هذه الحشود المتوحشة واين كانت ومن الذى منحها فرصة ان تخيف وطنا وان تبدد احلامه فى حياة اكثر امنا وسلاما، لقد تحولت قبيلة الفئران الى حشود مخيفة تظهر امام الناس كل ليلة فيصرخ الأطفال ويهرب الكبار والفئران تمارس لعبة الفزع والخوف وامتهان آدمية البشر وحقهم فى الكرامة، الشاشات اظلمت فجأة وانسحبت حشود الفئران واطل الصبح مشرقا على اغنية جميلة القلب يعشق كل جميل..كان صوت ام كلثوم يطهر ماء النيل الذى لوثته بقايا الفئران..وبدا الصبح وليدا والأطفال الصغار فى طابور المدارس يرددون لك حبى وفؤادى..وسقطت دولة الفئران .