محمد سلماوي
نسب إلى إدوارد سنودن، الذى فرّ إلى روسيا بكمية من أخطر وثائق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن أبوبكر البغدادى زعيم داعش الإرهابى تلقى تدريبه على يد جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد»، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية.
وإذا صح هذا الكلام الذى نشرته، أمس، وكالة الأنباء الإيرانية، فإن هذا يذكرنا بتنظيم «القاعدة» الذى تلقى أفراده تدريبهم على يد المخابرات المركزية الأمريكية أيضا حين كانت الولايات المتحدة تطلب من الدول الإسلامية إرسال شبابها لمحاربة القوات السوفيتية فى أفغانستان، وهى الدعوة التى استجابت لها مصر والسعودية وغيرهما، ثم عادت هذه العناصر الإسلامية المتشددة بعد أن تلقت تدريبات القتال إلى بلادها لتمارس نشاطها الإرهابى، ومنها تكون تنظيم القاعدة، ووقتها قيل إن السحر انقلب على الساحر وإن الولايات المتحدة تجنى ثمار ما زرعته.
لكن ها هى الولايات المتحدة تمارس نفس اللعبة مرة أخرى بتشكيل تنظيم إرهابى جديد، بعد تفكيك القاعدة وقتل زعيمه أسامة بن لادن، ومما يثبت العلاقة الوثيقة بين «داعش» ومخابرات الدول التى دربته أن إسرائيل لم تنزعج على الإطلاق لقيام هذا التنظيم، ولم تسارع للشكوى أمام العالم من أنها مهددة، بل إن مسؤولى التنظيم أعلنوا رسميا - كما أوضحت فى مقالى أمس - أن القرآن الكريم لا يطالبهم بمحاربة إسرائيل!! من ناحية أخرى، فقد أعلن أخيراً السياسى الأمريكى الذى كان مرشحا للرئاسة جون ماكين أن الضربة المقبلة لتنظيم «داعش» بعد العراق وسوريا ستكون فى الأردن، وهو ما يشير إلى الصلة الوثيقة التى تربط التنظيم بالولايات المتحدة، بحيث يستطيع الساسة ذوو النفوذ الإعلان عن خطوات التنظيم قبل حدوثها، أو ربما توجيه التنظيم لاتخاذ تلك الخطوات.
والسؤال الذى يتبادر على الفور إلى الذهن هو: ما هى مصلحة الدول التى يقال إنها المسؤولة عن قيام التنظيم ودعمه؟ وإذا وضعنا مصر وما حدث فيها خلال العام الماضى فى الصورة اتضح لنا سبب دعم هذه الدول لمثل هذا التنظيم الإرهابى، فقد أسقط الشعب المصرى حكم الإخوان الذى كانت الولايات المتحدة وإسرائيل قد ارتاحتا لاستجابته الكاملة لمخططاتها فى المنطقة، ثم جاءت 30 يونيو فأطاحت بكل ذلك، وليس من قبيل الصدفة أن ينشر فى الصحف الأمريكية منذ أيام أن وجود مرسى فى السلطة كان يمكن أن يحل أزمة غزة الحالية، وما تقصده الصحف الأمريكية بذلك ليس أن مرسى كان سيجعل إسرائيل توقف هجومها على غزة، فهذا لا يعنى الولايات المتحدة، وإنما أنه كان سيجعل حماس توقف إطلاق صواريخها على إسرائيل، فقد فعل مرسى ذلك سابقا، وجعلها لأول مرة توقع اتفاقا مكتوبا بعدم التعرض لإسرائيل، وبما أن عودة مرسى غير ممكنة الآن فإن البديل يكون بتطويق مصر عن طريق دول الجوار من العراق وسوريا والأردن إلى ليبيا والسودان بهذا التنظيم الإرهابى الجديد الذى قد يكون أشد خطرا من الإخوان.