توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سميح القاسم

  مصر اليوم -

سميح القاسم

محمد سلماوي

أقطع حديثى عن تقرير «هيومان رايتس ووتش» بهذه الفجيعة التى أصابت الشعر العربى برحيل الشاعر الفلسطينى الكبير سميح القاسم، الذى صارع المرض طوال السنتين الماضيتين، وكنا نقلق عليه كلما اشتد عليه المرض، لكننا مع ذلك فُجعنا لرحيله، وكأننا لم نكن نعلم أن أيامه «معدودة»، كما قال لى فى آخر محادثة تليفونية بيننا، بعد أيام من الحرب الحالية على غزة.

مازلت أسمع صوته الواهى الحزين وهو يقول: ليست هذه أول حرب تشنها قوات الاحتلال على السكان العزل فى غزة، ولن تكون الأخيرة، لكنها بالتأكيد من أشرس ما تعرض له سكان القطاع حتى الآن، وروى لى أشياء يشيب لها الولدان، وسألته عن صحته، فقال ضاحكاً: يسألونك عن الصحة، قل الصحة من علم ربى وما أوتيت من العلم إلا قليلاً.

وقد جمعتنى بسميح صداقة ممتدة عبر السنين، ونزل ضيفاً علينا فى اتحاد كتاب مصر أكثر من مرة، كان من بينها يوم فاز بجائزة نجيب محفوظ التى يمنحها الاتحاد سنوياً لكاتب عربى، حيث قال يومها: أنا أوفر حظاً من نجيب محفوظ، فجائزتى تحمل اسم رجل من أنبل من عرفتهم فى حياتى، وهو عبقرى الرواية العربية الذى ساهم فى تشكيل وجدان جيل كامل من القراء، أما محفوظ فجائزته تحمل اسم ألفريد نوبل الذى تسبب فى الدمار والهلاك باختراعه الديناميت.

وقد وصل سميح القاسم إلى أعلى المراتب التى يمكن أن يصلها أى فنان، وهى أن يصبح رمزاً لوطنه كالعلم أو النشيد الوطنى أو المعلم التاريخى، فمثلما يرمز لبريطانيا بشكسبير أو بنهر التايمز، أو يرمز لفرنسا ببرج إيفل أو نشيد «المارسييز»، فسيظل يرمز لفلسطين بسميح القاسم ومحمود درويش وقبة الصخرة وبيارات البرتقال بيافا.

لقد نجح سميح القاسم فى أن يوحد بين البصمة الشعرية التى تركها على الشعر العربى وبين صوت القضية الذى تحول من خلال شعره وشعر رفيق دربه محمود درويش إلى صيحة ألم وثورة عابرة للحدود الجغرافية ومتخطية الأجيال الإنسانية، وهو ممن رفضوا مغادرة فلسطين، رغم الإرهاب الصهيونى الذى تعرض له السكان العرب، وتحمل الاضطهاد الناتج عن العيش تحت الاحتلال الاستيطانى الذى لا يعترف بحقوق المواطنين الذين اغتصبت أراضيهم وصُودرت ممتلكاتهم، لكنه ظل شوكة فى حلق الاحتلال حتى فرض صوته على العالم، فتُرجمت أشعاره إلى لغات العالم بما فى ذلك اللغة العبرية، ومن خلاله تعاطف الناس مع معاناة الشعب الفلسطينى، وقد فرضت أشعار سميح القاسم ومحمود درويش نفسها على المحتل نفسه، فدخل بعضها لأول مرة ضمن المقررات الدراسية فى المدارس الإسرائيلية.

رحم الله سميح القاسم، صوت القضية الفلسطينية، وجزاه خيراً بقدر ما خدم قضية وطنه ورفع من شأن الشعر العربى المعاصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سميح القاسم سميح القاسم



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon