توقيت القاهرة المحلي 11:29:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تخلو صحافتنا من هذه الأخبار؟

  مصر اليوم -

كيف تخلو صحافتنا من هذه الأخبار

بقلم : محمد سلماوى

ما الذى حدث لنا بحيث أصبحنا لا نرى ولا ننشغل إلا بما تحت أقدامنا غافلين أو غير مكترثين لما يحدث فى العالم من حولنا؟ إن من يتابع إعلامنا المرئى أو المقروء يشعر أننا نعيش فى قرية صغيرة منعزلة باهتماماتها الداخلية عما يحدث فى العالم، لكن ماذا لو كان ما يحدث فى العالم يخص قضايانا الكبرى؟!

لقد وجه إلى أحد الصحفيين الفرنسيين فى أثناء وجودى فى الخارج سؤال مؤلم عن القضية الفلسطينية التى نؤكد ليل نهار أنها قضيتنا المصيرية فقال: هل تساوت الآن القضية الفلسطينية عند العرب مع حلم الأندلس؟ فقلت إن هناك فارقا كبيرا بين الاثنين فمسألة الأندلس تتعلق بأرض غير عربية دخلها العرب وأقاموا فيها حضارة عظيمة يشهد لها التاريخ، أما القضية الفلسطينية فهى قضية شعب طرد من أرضه وصودرت ممتلكاته وهو يتعرض الآن لحرب إبادة شرسة، وإذا كان حلم القدس ليس له أنصار فى العالم فإن القضية الفلسطينية قضية إنسانية يزداد أنصارها فى العالم يوما بعد يوم، مهما انشغل عنها العرب بقضاياهم المحلية الصغيرة.

تذكرت ذلك وأنا أتصفح جرائدنا هذا الأسبوع التى لم تنشغل إلا بذلك القرار العبثى الذى أصدرته وزيرة الصحة بضرورة إذاعة السلام الجمهورى فى المستشفيات الحكومية (!)، وبقضية خطف الأطفال من الأحياء الثرية للمطالبة بفدية، وطبعا بقضية خسارتنا المؤسفة فى بطولة العالم فى كرة القدم، وهى كلها قضايا ينبغى الاهتمام بها ما من شك، لكن أن تصبح وحدها هى مركز اهتمام الصحافة والإعلام، فذلك يعكس خللا فى رؤيتنا للعالم يكرسه الإعلام فى وعى المواطنين، بينما يموج العالم من حولنا بأحداث مهمة ومؤثرة يكاد لا يأتى لها ذكر فى الصحف.

لقد تابعت فى نفس الوقت فى الصحف الأجنبية عدة موضوعات تتعلق بنا بشكل مباشر لكنى لم أجد لها ذكرا فى صحفنا، منها قراران يتصلان بالقضية الفلسطينية التى يتصور البعض أنها نسيت أو تحولت الى حلم قديم غير قابل للتحقيق، ففى أيرلندا أصدر البرلمان لأول مرة قانونا يحظر كل النشاط التجارى الإسرائيلى القادم من المستوطنات غير الشرعية المقامة فى الأراض العربية المحتلة، ورغم محاولات الحكومة عرقلة القانون فى البرلمان إلا أنه حصل على الأغلبية المطلوبة لتمريره فصار الآن نافذا.

إن هذا القرار هو الأول من نوعه فى العالم وهو يمثل تطورا غاية فى الأهمية بالنسبة لقضية نصفها بأنها مصيرية، لقد كانت هناك فى السنوات الأخيرة بعض الحركات السياسية فى الغرب التى كانت تدعو لمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، لكن تلك هى المرة الأولى التى يتحول فيها هذا النداء الى قانون نافذ يسرى على التعامل التجارى الرسمى لإحدى الدول، فكيف لا نسمع بذلك عندنا؟!

فى نفس الوقت أصدر حزب العمال البريطانى قرارا غير مسبوق يؤكد أن انتقاد إسرائيل ليس عداء للسامية، وتلك أيضا هى المرة الأولى التى يتم فيها على هذا المستوى السياسى فض التطابق الذى كرسته الصهيونية الدولية بين إسرائيل والسامية، وقد جاء قرار الحزب البريطانى ليجرد إسرائيل من أحد أهم أسلحتها والتى استخدمتها دون هوادة فى مواجهة كل من يتجرأ على التعرض لسياستها العنصرية، فكيف يمر ذلك علينا مرور الكرام؟!

أما التطور الأكبر الذى غفله إعلامنا، فهو مشروع القانون المعروض الآن على البرلمان الإسرائيلى لإقراره والذى يجرم تصوير أفراد جيش الاحتلال أو توثيق أعماله الوحشية ضد الفلسطينيين، وهو قانون غير مسبوق فى العالم ينتهك كل الحريات، من حرية الصحافة الى حرية التعبير، بل وينتهك أسس الديمقراطية ذاتها والتى تفاخر بها إسرائيل مدعية أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة.

لقد سعت إسرائيل طوال السنوات الماضية لفرض الرقابة على الصحفيين الأجانب فيما ينقلونه من أخبار عن التطهير العرقى الذى تمارسه ضد الشعب الفلسطينى، وقد استخدمت فى ذلك شتى القيود المسموح بها فى حالة الحرب بحيث لم يعد مسموحا للمراسل الأجنبى أن يبعث بتقرير الى جريدته فى الخارج دون أن يحصل على موافقة السلطات العسكرية، لكن ظلت الصورة هى الأكثر تأثيرا، وتلك لا يمكن العبث بها بنفس السهولة التى تتحكم فى الأخبار فتحول الشعب المحتل إلى جماعة إرهابية تعتدى على دولة تسعى للعيش فى سلام.

لقد انتشرت عام 2016 صورة الجندى الإسرائيلى إيلور أزاريا الذى صوب بندقيته الى أحد الجرحى من الشباب الفلسطينى المتظاهرين سلميا فقتله بدم بارد رغم أنه كان أعزل وغير قادر على الحركة، وقد سبب هذا الفيلم حرجا شديدا لإسرائيل فاضطرت للتحقيق معه والحكم عليه بالسجن لبضعة شهور وهو ما لم يحدث فى تاريخ الجيش الإسرائيلى من قبل. من هنا جاء هذا القانون الذى يحظر تصوير هذه المشاهد، ويلاحظ أن الجندى الذى ارتكب جريمة قتل الفلسطينى الجريح كان من نصيبه تسعة أشهر من السجن، بينما ينص القانون الجديد الذى يدعمه وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان،  على الحكم بالسجن لمدة خمس سنوات على من يصور مثل هذه الجريمة، ولمدة عشر سنوات إذا أضر ذلك بالأمن القومى لإسرائيل.

إن مثل هذا القانون الفريد من نوعه يسقط عن إسرائيل على الفور رداء الديمقراطية الذى تتستر به فتروج لنفسها باعتبارها واحة الديمقراطية فى الشرق الأوسط، فكيف لا نهتم بذلك؟ وكيف لا نستخدم ذلك القانون كسلاح فعال دفع به إلينا دفعا فى معركتنا الممتدة مع إسرائيل التى ما فتئت تناصبنا العداء قبل وبعد اتفاقيات السلام التى وقعتها مع الدول العربية؟! وقبل هذا وبعده، كيف تخلو صحافتنا من هذه الأخبار التى لو أحسنا استخدامها لغيرت الكثير من قواعد اللعبة؟!

نقلاً عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تخلو صحافتنا من هذه الأخبار كيف تخلو صحافتنا من هذه الأخبار



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon