محمد سلماوي
هل من الضرورى أن يأتى الوزير من داخل الوزارة؟ هل لا يصلح وزيراً إلا من تدرج فى سلك البيروقراطية؟ هل منصب الوزير هو درجة يصل إليها الموظف الحكومى فى نهاية خدمته؟
تلك الأسئلة التى كنا نتصور أن إجاباتها محسومة عادت تطرح نفسها بشدة فى ظل التشاورات التى سبقت الإعلان عن التشكيل الوزارى الجديد، حيث تم الاعتراض على بعض الوزراء، لأنهم آتون من خارج الوزارة، أو من خارج المجلس الأعلى للجامعات، أو من خارج الجماعة الثقافية.
وفيما يتعلق بالاعتراض الأول، فإن البيروقراطية الحكومية ليست أفضل معمل لتفريخ الوزراء، بل لعلى أقول إن الوزير، فى ظل الدستور الجديد، هو بالضرورة منصب سياسى وليس بيروقراطياً، سواء كان حزبياً أو غير حزبى، حيث نص الدستور فى المادة (168) على إيجاد منصب جديد داخل كل وزارة، هو «الوكيل الدائم»، بما يكفل تحقيق الاستقرار المؤسسى ورفع مستوى الكفاءة فى تنفيذ سياستها، ولاشك أن الوكيل الدائم يجب أن يأتى من داخل الوزارة، وأن يمثل قمة الهرم الوظيفى فيها، وقد أطلق عليه اسم «الدائم» حتى لا يتغير مع كل وزير يدخل الوزارة، وهذا التصور إنما يفرض أن يأتى الوزير من خارج الوزارة، وقد جاء هذا الاعتراض، الذى وُجه لبعض المرشحين، معبراً عن الوضع السابق على الهيكل الجديد الذى وضعه الدستور للبناء الوزارى.
والحقيقة أن الاعتراض على المرشح لمنصب وزارة التعليم العالى، بحجة أنه ليس عضوا فى المجلس الأعلى للجامعات، لا يختلف كثيرا عن الاعتراض على من هم ليسوا من بين موظفى الوزارة، فالرأيان يعبران عن قدر من القبلية البيروقراطية التى تسعى لأن تقصر الاختيارات على من ينتمون إلى هذه القبيلة أو تلك، ومثل هذا التفكير بالإضافة لكونه يمثل عقبة فى سبيل أى تطور مرتقب يأتى بحلول مبتكرة للمشاكل المزمنة التى تعانى منها جميع الوزارات، فهو ينتمى للعقلية التى اتسم بها حكم الإخوان، والتى جعلت الرئيس الإخوانى السابق يتوجه بخطابه السياسى إلى «أهلى وعشيرتى».
أما القول بأن وزير الثقافة يجب أن يأتى من داخل الجماعة الثقافية فينطبق عليه ما ذكرناه عاليه، لكن يضاف إليه أيضا أن أنجح وأعظم وزراء ثقافة مصر، وهو الدكتور ثروت عكاشة، جاء من خارج الجماعة الثقافية، فقد كان عسكرياً، وإن فاقت ثقافته الكثيرين ممن ينضوون تحت لواء تلك الجماعة.
نقلاً عن "المصري اليوم"