محمد سلماوي
لاشك أن التحدى الأول الذى يواجه حكومة المهندس إبراهيم محلب هو إعادة الأمن إلى الشارع المصرى، فتلك هى الصخرة التى تحطمت عليها جميع الوزارات التى تلت ثورة 25 يناير، وجاءت أول وزارة بعد 30 يونيو وذهبت دون أن تنجح فى القضاء عليها.
لقد شاهدنا فى ظل وزارة عصام شرف التى أتت برغبة ميدان التحرير الأمن الشخصى للمواطنين يُنتهك فى ميدان التحرير نفسه، بما سمعنا عنه من تحرشات وصلت - حسب بعض الدعاوى القضائية - إلى حد الاغتصاب الجماعى، وعشنا فى ظل وزارة حازم الببلاوى انتشار الجريمة المنظمة التى أدخلت إلى قاموس الجرائم عندنا جرائم جديدة لم نكن نشاهدها إلا فى مسلسلات العنف الأمريكية، وهى جرائم الخطف طلباً لفدية تصل فى كثير من الأحيان إلى مبالغ ذات ستة وسبعة أرقام، والأخطر من ذلك أن إطلاق سراح المخطوفين كان يتم فى معظم الأحيان بدفع الفدية المطلوبة وليس دائماً بتدخل الأمن.
وقد استفادت الجريمة المنظمة فى مصر من حالة التسيب الأمنى التى تشهدها البلاد منذ يناير 2011، كما استفادت أيضاً من اختراق الحدود الشرقية والغربية ومن كميات السلاح التى تم إدخالها للبلاد عبر غزة وليبيا، وقد وصل انتشار السلاح إلى حد أنه تخطى مرحلة البيع والشراء إلى مجال الإيجار، فأصبح من يريد ارتكاب الجريمة يستأجر السلاح المطلوب، فيرتكب به جريمته ويعيده مرة أخرى، فى غيبة كاملة من أجهزة الأمن التى لن تجد لديه سلاحاً إذا ألقت القبض عليه، ولن تصل إلى صاحب السلاح الذى لم يرتكب جريمة تستوجب تفتيشه.
وسط ذلك كله ضاع أمن المواطن المصرى الذى أصبح الآن التزاماً دستورياً على الحكومة، وحكومة إبراهيم محلب هى أول حكومة تُشكل فى ظل الدستور، فهل ستتمكن من احترام التزاماتها الدستورية والتصدى لإقرار أمن المواطن الذى يعلو فوق أى اعتبار آخر، أم سيظل الأمن السياسى وحده هو الشاغل الأكبر لأجهزة الأمن؟
نقلاً عن "المصري اليوم"