محمد سلماوي
كيف يتم إحياء عيد الفن دون أن يذكر من قريب أو بعيد اسم صانع هذا العيد وهو المسرحى الكبير الدكتور رشاد رشدى؟ لقد كان هو أول من فكر فى إقامة عيد سنوى تكرم فيه الدولة كبار الفنانين الذين وهبوا حياتهم للفن ومنحوا الناس من السعادة ما لا تستطيعه غير الفنون.
لقد كان رشاد رشدى فناناً كبيراً ترك بصمة لا يمكن إنكارها على المسرح فى الستينيات بمؤلفاته التى تزيد على العشر مسرحيات منها «لعبة الحب» و«رحلة خارج السور» التى تعتبر من أهم علامات المسرح المصرى، و«اتفرج يا سلام» و«بلدى يا بلدى» وغيرها، كما كان أول رئيس مصرى لقسم اللغة الإنجليزية بآداب القاهرة، وهو المنصب الذى ظل يشغله لمدة 22 عاماً قبل أن يصبح عميداً للمعهد العالى للفنون المسرحية ورئيساً لأكاديمية الفنون، وقد ساهم فى تخريج أجيال من أكبر المثقفين والأدباء والنقاد، من بينهم سمير سرحان وعبدالعزيز حمودة ومحمد عنانى ونهاد صليحة وغيرهم، وكان له باع كبير فى الحركة النقدية، حيث كان أكثر من ساهم فى تخليص النقد الأدبى من بقايا المدرسة الرومانسية فى القرن الـ19 من ناحية، وفى إنقاذه من براثن النقد الاشتراكى من ناحية أخرى، وترك لنا رصيداً من الكتب النقدية، لست أعرف لماذا لا يعاد طبعها مثل «ما هو الأدب» و«مقالات فى النقد الأدبى» و«فن القصة القصيرة» و«فن كتابة المسرحية» وغيرها.
وكان من أهم أعمال رشاد رشدى كمستشار ثقافى لرئيس الجمهورية هو «عيد الفن» الذى توقف بعد رحيل السادات عام 1981، وكنت أتصور أن يكون فى إحيائه الآن مناسبة لتذكر الرجل الذى كان وراءه، وأن يكون صانع هذا العيد هو أول المكرمين، لكن يبدو أن منظمى الحفل من فاقدى الذاكرة الذين ألهاهم المكسب اللحظى لهم عن التقدير الواجب لمن صنعوا الحدث ورحلوا.
إن عدم تكريم رشاد رشدى أو حتى تذكره فى المناسبة التى صنعها سيظل نقطة سوداء فى حق من هللوا للعيد وهم غافلون عن صانعه.
نقلاً عن "المصري اليوم"