محمد سلماوي
لست أرى مغزى لاستمرار حبس الناشط السياسى والشاعر الشاب أحمد دومة هو ورفاقه، فقانون التظاهر الذى سُجنوا بجريرة رفضه مآله الإلغاء، فقد صدر بتعجل من حكومة مرتعشة أمضت شهورها فى الحكم وسط تخبط متزايد، ثم أنهت ولايتها بصدام لا لزوم له مع الشباب داخل وخارج الجامعة.
ولقد شعرت بالأزمة قادمة وتحدثت بصراحة إلى رئيس الوزراء د. حازم الببلاوى قائلاً إن الإخوان بعد أن وجدوا أنفسهم فى مواجهة مع الشعب كله يريدون أن يفتعلوا أزمة بين الأمن وطلبة الجامعة، فكانت أزمة طالب الهندسة الذى قُتل والذى بدأت معه سلسلة المواجهات مع الشباب، والتى نعانى منها الآن فى ظل حكومة محلب الجديدة.
إن السؤال الذى ينبغى على الحكومة أن تضعه نصب أعينها هو: كيف نصعّد من المواجهة مع الإخوان وأتباعهم ونخفف فى نفس الوقت من حدة التوتر مع الشباب؟ لأن الحادث الآن هو أن المواجهة تتصاعد على الجبهتين معا، وهذا فشل سياسى ذريع يعبر عن عجز فى الحنكة السياسية وافتقار إلى دقة الموازنة، التى هى أساس العمل السياسى.
فلنبدأ بإعادة النظر فى وضع الشباب المحتجزين فى السجون، والذين سيتم الإفراج عنهم إن آجلاً أو عاجلاً، لكن استمرار حبسهم هو وقود التصعيد ضد الحكومة والذى تستغله القوى المعارضة لزيادة الفجوة بين الشباب والنظام ككل، لقد ارتكبت جماعة الإخوان غلطتها الكبرى بأن وسعت دائرة مواجهتها للجيش والشرطة لتشمل الشعب المصرى كله، فقتل من أفراده المدنيين المسالمين أكثر مما قتل من أفراد الجيش والشرطة، لكن الحكومة ارتكبت نفس الحماقة بأن وسعت من دائرة مواجهتها هى الأخرى لتشمل إلى جانب الإخوان وأعوانهم الإرهابيين الشباب المعارضين الذين لم يرتكبوا إرهاباً ولا لجأوا للعنف، فهل هذا معقول؟ وهل هذه هى السياسة الحكيمة المطلوبة فى هذا الوقت ونحن نتجه لاستكمال الاستحقاقات الدستورية لخريطة المستقبل الديمقراطية بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟
على الحكومة الحالية أن تتخذ خطوة قوية وجريئة تؤكد ثقتها بنفسها بعد أن برئت من سياسة التردد التى ميزت الحكومة السابقة، وأن تفرج فورا عن الناشطين من الشباب، وليستمر نظر قضاياهم إلى أن تسقط بإلغاء قانون التظاهر غير الدستورى الذى يحاكمون بتهمة رفضه، على الحكومة أن تبدأ سياسة جديدة تماماً تجاه الشباب الذى يستخدم حقه الطبيعى فى المعارضة، وفى ذلك فإن عليها أن تفرق بين الإرهاب الذى يستهدف مقومات المجتمع الأساسية وبين شطط بعض الأبناء.
"المصري اليوم"