محمد سلماوي
من علامات الدول المتخلفة أن الحلول التى تلجأ إليها لمعالجة مشاكلها هى الأخرى متخلفة، ففى الوقت الذى نواجه فيه مشكلة فى توفير الطاقة الكهربائية، وهى فى حد ذاتها مشكلة ناتجة عن تخلف فى إدارة الأمور، نجد أن الحل الذى لجأت إليه الحكومة هو قطع التيار عن المواطنين، توفيراً للطاقة، بينما سائر الدول تلجأ لحلول مبتكرة، يبدو أننا لم نسمع بها ولا نسعى للبحث عنها، وأنا لا أتحدث هنا عن الدول المتقدمة التى سبقتنا بمئات السنين، فتلك لا تنقطع فيها الكهرباء، وإنما عن الدول التى تعتبر نفسها من دول العالم الثالث، وإن كانت فى الطليعة المتقدمة لتلك الدول، ففى الصين مثلاً زودت الحكومة كراسى الانتظار فى محطات الأتوبيس ببدالات كبدالات الدراجات كلما أدارها المواطنون بأقدامهم ساهمت فى توليد الكهرباء لإنارة الشوارع، وفى دول أخرى وضعت هذه البدالات فى المراكز الرياضية التى تنتشر فى كل أحياء المدن، وفى الوقت الذى يقوم فيه المواطن بتدريبه على الدراجة الرياضية تتولد الكهرباء لإنارة المكان.
وبالمقارنة بما هو معروف من أشغال شاقة للسجناء فى الدول المتخلفة، حيث كنا نرغمهم على تكسير الحجارة بالجبال فى عمل لا جدوى منه، نجد البرازيل تزود السجون بتلك الدراجات المولدة للكهرباء، وتحتسب لكل سجين الفترة التى يقضيها على الدراجة، بما يساهم فى تقليل فترة عقوبته.
ثم قبل هذا كله وبعده أين الطاقة الشمسية التى تزخر بها بلادنا التى لا تكاد تغيب عنها الشمس طوال أيام السنة؟ قد لا يعلم البعض أن جميع الإعلانات التجارية المقامة على امتداد طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى تعمل بالطاقة الشمسية، فهل يعقل أن تنار إعلانات المدينة بالكهرباء التى تختصم من استهلاك البيوت؟ لماذا لا يصدر قانون يحظر استخدام الكهرباء فى الإعلانات التى أصبحت تملأ شوارعنا؟ إن ما يستخدم فى تلك الإعلانات التى جعلتنا نعيش وسط غابة من اللافتات التى تحجب عنا الرؤية يكفى لإنارة البيوت بدلا من قطع التيار عنها.
ثم ماذا عن ذلك المشهد الذى لم تستطع أى من حكوماتنا المتعاقبة التغلب عليه حتى الآن، وهو مشهد أعمدة النور المضاءة بالكهرباء فى وضح النهار، بينما تقطع الكهرباء عن البيوت فى الليل؟!
إن مشاكل الدول المتخلفة التى نعانى منها لا تحل لأن الحلول التى نلجأ إليها عادة ما تكون أكثر تخلفاً.