محمد سلماوي
لماذا تعمد الحركات الإرهابية إلى تكسير قوات الأمن وإلى استهداف الجيوش؟ هذا السؤال تطرقت إليه الدكتورة حياة الحويك عطية «لبنان»، فى مداخلتها المهمة بالندوة التى عقدت على هامش اجتماعات الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب فى عمان بالأردن، فى الأسبوع الماضى، بعنوان الإرهاب والثقافة.
فإذا نظرنا إلى ما يحدث فى مصر وما يحدث فى سوريا وما يحدث فى العراق نجد نمطا متكررا تقوم به جماعات الإرهاب المتخفية وراء الدين، ونجد هذا النمط يعتمد أساسا على استهداف أمن المواطن ودفعه للإحساس بأن الدولة غير قادرة على حمايته، وذلك من خلال ضرب قوات الأمن والقوات المسلحة.
وتعود الدكتورة حياة، وهى عالمة اجتماع وسياسة لها مؤلفاتها العديدة، إلى نظرية فرويد التى توضح احتياج الإنسان دائماً إلى ما تسميه الـ«نحن»، أى الانتماء إلى كيان أكبر يشعر المرء بالأمن والاستقرار، وهى تقول إن ضرب منظومة الأمن فى أى مجتمع يجعل المواطن يفقد ثقته فى الدولة العاجزة عن توفير الأمن والاستقرار، ومن ثم يكون المواطن أكثر استعدادا للانتماء لكيان بديل، أى لجماعة أخرى غير تلك التى تمثلها الدولة الفاشلة.
من هذا المنظور فإن للمواطن احتياجاً نفسياً مؤكداً لوجود «الدولة»، فهى تمثل بالنسبة له وسيلة أكيدة لضمان أمن واستقرار النظام العام للمجتمع بمؤسساته الأمنية والقضائية والتنفيذية... إلخ.
وتؤكد الدكتورة حياة أن المنظمات الإرهابية فى استخدامها الدين إنما تسعى للوصول إلى قلب المواطن الباحث عن الأمن وعن الاستقرار، ومن ثم تطرح نفسها كبديل للدولة بمختلف أذرعها، فبديلا عن الانتماء للدولة الكافرة يكون الانتماء للجماعة المؤمنة والمجتمع الوهمى الذى تطرحه من الاقتصاد الإسلامى إلى البنوك الإسلامية وغير ذلك مما شاهدناه فى مختلف الأقطار العربية والتى ثبت فشلها جميعاً.
وتلك بالطبع سياسة قصيرة النظر، فالجماعة الإرهابية تفشل فى النهاية فى أن تحل محل الدولة لأسباب كثيرة، ليس أقلها أنها كثيرا ما تتشظى، فالجماعة الإرهابية لا تكون واحدة، وإنما هى فرق وشيع تتنافس مع بعضها البعض عن طريق الغلو والتطرف، وينتهى الأمر باقتتالها وبتأكيد عجزها الكامل عن أن تكون بديلا للدولة التى حاولت هدمها من خلال استهداف قواتها الشرطية وقواتها المسلحة.