محمد سلماوي
فى الطريق إلى مجلة «ليتراتورنايا جازيتا»، أى «المجلة الأدبية»، تمر على ذهنى ذكريات موسكو القديمة من عهد الاتحاد السوفيتى، وبعض مشاهد موسكو الحديثة التى زرتها فى العام الماضى على رأس وفد للدبلوماسية الشعبية سبق الزيارة التاريخية التى قام بها وزير الدفاع آنذاك، الفريق عبدالفتاح السيسى، بعد سنوات من العلاقات المتجمدة بين البلدين.
و«المجلة الأدبية» واحدة من كبرى المطبوعات الأدبية فى العالم، حيث توزع 100 ألف نسخة، وهى مجلة عريقة قام بتأسيسها الشاعر الروسى الكبير بوشكين عام 1830، ورئيس تحريرها الحالى هو الأديب المعروف يورى بولياكوف، الذى أعد ندوة بمقر المجلة للأدباء الأفارقة والآسيويين أعضاء اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا الذى أشرف برئاسته.
قبل الوصول إلى المجلة نمرّ أنا والوفد المرافق لى على الميدان الأحمر، حيث يقع الكرملين، وحيث الموقع القديم لفندق «راسيا» أى روسيا، الذى نزلت به فى أول زيارة لى لموسكو عام 1977، وكان يعتبر أحد أكبر فنادق العالم (6000 سرير) ويعود تاريخه إلى عصر ستالين الذى قرر عام 1947، وبمناسبة الاحتفال بمرور 800 سنة على إنشاء العاصمة الروسية على ضفاف نهر موسكو الذى حملت اسمه، أن ينشئ 8 مبان عملاقة على نفس الطراز المعمارى، وقد تم بالفعل إقامة 7 مبان منها ثم توفى ستالين عام 1953 قبل إتمام المبنى الثامن، وكان من بين هذه المبانى جامعة موسكو ومبنى وزارة الخارجية وفندق أوكرانيا ومبنى سكنى، وكلها أقيمت على نفس الطراز حتى يخيل لك أنها نفس المبنى.
أما فندق «راسيا» فقد أقيم بشكل مختلف على أرض كان بها حى عشوائى للفقراء، وأرادت القيادة السوفيتية أن يقام على كل أرض الحى حتى تستطيع أن تفاخر بأن موسكو ليست بها أحياء فقيرة، لذلك أقيم الفندق على شكل مكعب كبير له أربعة أضلاع بها أربعة مداخل متشابهة، وعلى الساكن بالفندق أن يتذكر إن كان مدخله هو الشمالى أم الغربى مثلا حتى يصل إلى غرفته.
وقد تم هدم الفندق مع هدم الاتحاد السوفيتى الذى كان الفندق أحد معالمه، على أن يقام مكانه عدد من الفنادق الفاخرة التى تتماشى مع الوضع الجديد لروسيا، ونشأ بالطبع صراع قوى حول أرض الفندق التى تقع فى أهم موقع فى روسيا كلها، فهى تطل على الكرملين بالميدان الأحمر، لكن الرئيس بوتين قرر، منذ بضعة أشهر، أن العاصمة تحتاج متنزهاً عاماً كبيراً فأصدر تعليماته بأن تتحول الأرض إلى حديقة مفتوحة للمواطنين جميعاً.