توقيت القاهرة المحلي 07:22:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوبر × أبيض وأسود

  مصر اليوم -

أوبر × أبيض وأسود

عمرو الشوبكي

قصة العلاقة بين شركة «أوبر» والتاكسى الأبيض وأسود، كما اصطلح على تسميته، كاشفة لخلل فى رؤيتنا للقوانين التى تنظم التنافس والصراع داخل المجتمع.

يقيناً أن خدمة شركة أوبر العالمية وفرعها المصرى هى خدمة حديثة وشفافة أثارت اعتراضات كثيرة فى العديد من بلاد العالم المتقدم والثرى قام بها سائقو التاكسى، وأذكر أنى كنت فى زيارة العام الماضى إلى مدينة جنيف (سويسرا هى الأكثر ثراء والأعلى دخلاً فى أوروبا) وفوجئت بمظاهرة لسائقى التاكسى ضد شركة أوبر.

والحقيقة أن مشكلة مصر ليست فى اعتراض سائقى التاكسى على «أوبر»، إنما فى ترك هذا التفاوت بين الجانبين يتفاقم حتى أصبحنا أمام عالمين لا علاقة لهما ثقافيا ومهنيا ببعضهما البعض، فعالم «أوبر» المهنى، الذى تحدده علاقة عمل شفافة بين مقدم الخدمة والمستهلك: فهناك تعريفة محددة يدفعها الراكب، وهناك جهاز «جى بى إس» الذى يحدد مكان الزبون ووجهته، وهناك موقع إلكترونى يوصل طالب الخدمة بسائق أوبر القريب من مكانه ويحدد له بدقة موعد وصوله.

إذن نحن أمام علاقة واضحة وغير متكررة كثيراً فى مصر تحكم علاقة المستهلك بصاحب الخدمة، خاصة فى مجال المواصلات، تقابلها خدمة رديئة (تحسنت جزئياً) يقدمها تاكسى الأبيض وأسود، ظلت لسنوات طويلة دون عداد، وكان التاكسى فى تسعينيات القرن الماضى عملة نادرة يتمنى المواطنون رضا السائق عليهم وتوصيلهم لمكان قريب من المكان الذاهبين إليه، وعانى الكثيرون من ركوب أكثر من مواطن فى نفس «التوصيلة».

تغير الوضع قليلاً مع نهايات العقد الماضى، حين تم تجديد سيارات التاكسى المتهالكة بأخرى حديثة، ووضع عداد جديد يبدأ من 3 جنيات (على ما أعتقد)، بعد أن ظل ما يقرب من 30 عاماً (سنوات مبارك فى الحكم) ثابتاً على 60 قرشاً، ونسى الناس وجوده، وأصبح الفصال والعراك بين السائق والراكب سمة تلك المرحلة، حتى لو كان تسامح الشعب المصرى وبساطته خففت من حدتها.

وتميزت علاقة سائق التاكسى بالركاب بسمة أخرى فريدة، وغير متكررة فى أى مكان آخر فى العالم، وهى أن الراكب قبل أن يركب التاكسى يسأل السائق إذا كان يقبل الذهاب إلى هذا المكان أم لا؟ ويقرر السائق ما إذا كان المكان مناسباً له فيسمح له بالركوب أم لا فيتركه منتظر الفرج.

يقيناً «أوبر» نموذج نجاح للعلاقة بين صاحب الخدمة والزبون، ولكن السؤال: ألا يجب أن نعمل أيضاً على تطوير أداء التاكسى فى مصر، ولا نتركه فريسة للتعليقات الخائبة مثل تلك التى رددها بعض السائقين بأن «أوبر» تأتى لمصر للتجسس عليها، أو أنها تعمل على انحراف البنات وغيرهما من مفردات الحالة البائسة؟

أن تعلن الحكومة على لسان متحدثها الرسمى: أن رئيس الوزراء شكل لجنة قانونية لتقنين أوضاع شركات سيارة الأجرة، وأن التاكسى الأبيض بحاجة لتطوير خدماته ورفع مستواه مع الحفاظ على عمل شركات «أوبر وكريم» تعتبر خطوة فى الاتجاه الصحيح، لأن نجاح أى تجربة حديثة مثل «أوبر» أو غيرها لن يكون كاملاً إلا إذا فتحت فرص المنافسة والتطوير للأطراف الأضعف، والتاكسى الأبيض يمثل هذا الطرف وفى حاجة إلى تطوير بربطه بمركز اتصالات حديث يستطيع التواصل مع السائقين وإرسالهم للزبائن، ونظام للمحاسبة يفرض على السائقين تشغيل العداد.

فى مصر عالمان، أحدهما متقدم والثانى (الغالب) لا يجب أن نحكم عليه بالتخلف ونتركه فريسة الشركات العالمية الكبرى، فلن ينافس بإمكاناته الضعيفة، فلابد أن نساعده طالما اتفقنا أن من حق الأكثر قوة ومهنية أن يبقى فى السوق فلا نترك الضعيف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوبر × أبيض وأسود أوبر × أبيض وأسود



GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 06:38 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 06:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أميركا والفضائيون... أسرار الصمت المدوي

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon