توقيت القاهرة المحلي 15:58:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوبر × أبيض وأسود

  مصر اليوم -

أوبر × أبيض وأسود

عمرو الشوبكي

قصة العلاقة بين شركة «أوبر» والتاكسى الأبيض وأسود، كما اصطلح على تسميته، كاشفة لخلل فى رؤيتنا للقوانين التى تنظم التنافس والصراع داخل المجتمع.

يقيناً أن خدمة شركة أوبر العالمية وفرعها المصرى هى خدمة حديثة وشفافة أثارت اعتراضات كثيرة فى العديد من بلاد العالم المتقدم والثرى قام بها سائقو التاكسى، وأذكر أنى كنت فى زيارة العام الماضى إلى مدينة جنيف (سويسرا هى الأكثر ثراء والأعلى دخلاً فى أوروبا) وفوجئت بمظاهرة لسائقى التاكسى ضد شركة أوبر.

والحقيقة أن مشكلة مصر ليست فى اعتراض سائقى التاكسى على «أوبر»، إنما فى ترك هذا التفاوت بين الجانبين يتفاقم حتى أصبحنا أمام عالمين لا علاقة لهما ثقافيا ومهنيا ببعضهما البعض، فعالم «أوبر» المهنى، الذى تحدده علاقة عمل شفافة بين مقدم الخدمة والمستهلك: فهناك تعريفة محددة يدفعها الراكب، وهناك جهاز «جى بى إس» الذى يحدد مكان الزبون ووجهته، وهناك موقع إلكترونى يوصل طالب الخدمة بسائق أوبر القريب من مكانه ويحدد له بدقة موعد وصوله.

إذن نحن أمام علاقة واضحة وغير متكررة كثيراً فى مصر تحكم علاقة المستهلك بصاحب الخدمة، خاصة فى مجال المواصلات، تقابلها خدمة رديئة (تحسنت جزئياً) يقدمها تاكسى الأبيض وأسود، ظلت لسنوات طويلة دون عداد، وكان التاكسى فى تسعينيات القرن الماضى عملة نادرة يتمنى المواطنون رضا السائق عليهم وتوصيلهم لمكان قريب من المكان الذاهبين إليه، وعانى الكثيرون من ركوب أكثر من مواطن فى نفس «التوصيلة».

تغير الوضع قليلاً مع نهايات العقد الماضى، حين تم تجديد سيارات التاكسى المتهالكة بأخرى حديثة، ووضع عداد جديد يبدأ من 3 جنيات (على ما أعتقد)، بعد أن ظل ما يقرب من 30 عاماً (سنوات مبارك فى الحكم) ثابتاً على 60 قرشاً، ونسى الناس وجوده، وأصبح الفصال والعراك بين السائق والراكب سمة تلك المرحلة، حتى لو كان تسامح الشعب المصرى وبساطته خففت من حدتها.

وتميزت علاقة سائق التاكسى بالركاب بسمة أخرى فريدة، وغير متكررة فى أى مكان آخر فى العالم، وهى أن الراكب قبل أن يركب التاكسى يسأل السائق إذا كان يقبل الذهاب إلى هذا المكان أم لا؟ ويقرر السائق ما إذا كان المكان مناسباً له فيسمح له بالركوب أم لا فيتركه منتظر الفرج.

يقيناً «أوبر» نموذج نجاح للعلاقة بين صاحب الخدمة والزبون، ولكن السؤال: ألا يجب أن نعمل أيضاً على تطوير أداء التاكسى فى مصر، ولا نتركه فريسة للتعليقات الخائبة مثل تلك التى رددها بعض السائقين بأن «أوبر» تأتى لمصر للتجسس عليها، أو أنها تعمل على انحراف البنات وغيرهما من مفردات الحالة البائسة؟

أن تعلن الحكومة على لسان متحدثها الرسمى: أن رئيس الوزراء شكل لجنة قانونية لتقنين أوضاع شركات سيارة الأجرة، وأن التاكسى الأبيض بحاجة لتطوير خدماته ورفع مستواه مع الحفاظ على عمل شركات «أوبر وكريم» تعتبر خطوة فى الاتجاه الصحيح، لأن نجاح أى تجربة حديثة مثل «أوبر» أو غيرها لن يكون كاملاً إلا إذا فتحت فرص المنافسة والتطوير للأطراف الأضعف، والتاكسى الأبيض يمثل هذا الطرف وفى حاجة إلى تطوير بربطه بمركز اتصالات حديث يستطيع التواصل مع السائقين وإرسالهم للزبائن، ونظام للمحاسبة يفرض على السائقين تشغيل العداد.

فى مصر عالمان، أحدهما متقدم والثانى (الغالب) لا يجب أن نحكم عليه بالتخلف ونتركه فريسة الشركات العالمية الكبرى، فلن ينافس بإمكاناته الضعيفة، فلابد أن نساعده طالما اتفقنا أن من حق الأكثر قوة ومهنية أن يبقى فى السوق فلا نترك الضعيف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوبر × أبيض وأسود أوبر × أبيض وأسود



GMT 08:34 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 08:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 08:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشخاص أثروا حياتى

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا نترك الفرصة للمتربصين؟!

GMT 06:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 06:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon