توقيت القاهرة المحلي 15:58:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرمان

  مصر اليوم -

الحرمان

عمرو الشوبكي

سافرت بالطائرة مئات المرات ورأيت عجائب من شركات الطيران، غير أن هناك تجربة مررت بها ما زالت ترد على بالى مصحوبة بالدهشة كلما تذكرتها. أخذت الطائرة من مدينة فانكوفر بمقاطعة كولومبيا البريطانية فى أقصى الغرب الكندى إلى مدينة مونتريال بمقاطعة كويبك فى الشرق..

الرحلة طويلة رغم أنها داخلية وزمنها يربو على ست ساعات، ولقد تلطفت شركة إير كندا فمنحتنى تذكرة مجانية على درجة رجال الأعمال باعتبارى وقتها مديراً لشركة طيران. جلسنا استعداداً للإقلاع وقام بعض أفراد الطاقم بعدّ الركاب فى مقاعدهم، وقد وضح أن الرحلة ممتلئة. بعد قليل أقلعت الطائرة فأخرجت كتاباً رأيت أن أستعين به لقطع الوقت، ثم بدأت روائح الطعام تهل أثناء تسخين الوجبات تمهيداً لتقديم الغداء للركاب. وللحق.. كانت الرائحة طيبة وتشى بوجبة دسمة مما حفز الغدد اللعابية على العمل وأيقظ المعدة الخالية لتبدأ فى إفراز العصارة للطعام القادم.

كانت وجبات درجة البيزنس أكثر تميزاً بطبيعة الحال، ورأيت المضيفات وهن يقدمن الطعام بمهارة ورشاقة، لكنى مع ذلك لاحظت أن المضيفة تجاوزتنى أكثر من مرة وقدمت الطعام للراكبة الجالسة بجوارى ثم قدمت للمقاعد المحاذية لى والمقاعد التى تسبقنى والأخرى التى تلينى.. كل الركاب بمقصورتنا اختاروا طعامهم وشرعوا فى الأكل بينما أنا الوحيد الذى ما زال فى الانتظار. فى البداية كبحت غضبى وانتظرت أن ينتبهوا أننى لا آكل مثل الآخرين، ثم علا صوتى منبهاً: إيه يا جماعة.. أنا معكم على هذه الرحلة إن كنتم لا تروننى!. ابتسمت المضيفة فى ود ثم اقتربت منى وقالت هامسة: متأسفون جداً ولكن تذكرتك مجانية!. قلت فى دهشة: وماذا يعنى هذا؟ هل صاحب التذكرة المجانية بلا جهاز هضمى ولا يحتاج للطعام؟..

لقد ركبت فى رحلات مماثلة عشرات المرات ولم يحدث أن منعت شركة الطيران عنى الطعام بحجة أن التذكرة مجانية.. ثم أضفت: وعلى شركتكم هذه أتيت منذ يومين إلى فانكوفر، وتم تقديم وجبة لى أسوة ببقية الركاب. ردت المضيفة بلهجة حيادية: سيدى لقد صعد أحد الركاب بعد أن اشترى تذكرة فى اللحظة الأخيرة ولم يكن من المتيسر طلب وجبات إضافية حتى نقلع فى الميعاد، لهذا فقد عملنا بما ينص عليه «دليل العمل» واستثنينا الراكب المجانى ونحن نأمل أن يقدّر موقفنا باعتباره زميلا فى نفس المهنة. وجدتنى أرمقها بابتسامة يائسة وأنا أقول: أنا موافق على وجبة من وجبات الدرجة السياحية لو كان لديك منها. قالت وعلامات الخجل تبدو عليها: نعم لدينا وجبات إيكونومى، لكنك بالضرورة تعلم أننا لا يمكن أن نقدم مستويين من الطعام على نفس الدرجة.. هذا خرق لبروتوكول العمل. كنت أعلم أن كلامها صحيح لكننى كنت أتضور جوعاً ولم أكن قد أفطرت بالفندق قبل الذهاب للمطار. قلت فى محاولة أخيرة: بعض شركات الطيران تبيع وجبات بالفلوس.. لو كان لديكم أى شىء يؤكل أنا مستعد لدفع ثمنه. اعتذرت بأدب ثم انسحبت.

عندما كانت الطائرة تهم بالهبوط فى مونتريال ليلاً، قررت أن أتوجه لأحد مطاعم المطار لألتهم كل ما أستطيع من طعام.. لكن الغريب أننى وبينما أقترب من المطعم شعرت أن الجوع يتلاشى وأننى لا أرغب فى الطعام كما كنت أظن. لقد كان الشعور بالحرمان هو ما يضغط علىّ وليس الشعور بالجوع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرمان الحرمان



GMT 08:34 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 08:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 08:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشخاص أثروا حياتى

GMT 08:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا نترك الفرصة للمتربصين؟!

GMT 06:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الجديد... أي أميركا ننتظر؟

GMT 06:29 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة السيستاني الذهبية

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon