توقيت القاهرة المحلي 03:45:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المسارات المقطوعة (1- 2)

  مصر اليوم -

المسارات المقطوعة 1 2

عمرو الشوبكي

يقيناً جزء من نجاح أي تجربة سياسية هو قدرتها على إحداث تراكم سياسى لا ينقطع إلا مع تحولات تاريخية كبرى تتكرر ربما كل مئات السنين وفى بعض النظم الملكية (بريطانيا مثلا) عرفت تغيرات عميقة وجراحية في طبيعة نظامها الملكى دون أن تتخلى عنه أو أن تسقطه حتى أصبحت هذه النظم لا تختلف كثيرا عن النظم الجمهورية الديمقراطية داخل أوروبا وخارجها.

وفى الشرق الأوسط عرف كثير من دوله مسارات «غير مقطوعة» لفترة طويلة من الزمن، وأن القطيعة التاريخية إذا حدثت تكون استثناء مع نظام قديم أسس بدلا منه نظام جديد اختلف جذريا عنه، وبصورة سمحت بعد ذلك بإحداث تراكم سياسى ساعد هذه البلاد على بناء نظم كفء ولعب أدوار فعالة في المنطقة.

ولعل أي مقارنة بين تجارب أكبر ثلاث دول شرق أوسطية بمعيار العمق التاريخى والحضارى، مثل مصر وتركيا وإيران سنكتشف أن كلا منها عرف لحظة التحول أو القطيعة مع الماضى في نقطة تاريخية معينه، بما يعنى أن البدايات كانت تقريبا واحدة، مع اختلاف السياق والواقع المجتمعى، فإيران عرفت لحظة القطيعة مع النظام السابق عام 1979 حين نجحت الثورة الإيرانية في إسقاط نظام الشاه الملكى (الإمبراطورى) وأسست الجمهورية الإسلامية التي حافظت على خط متصل رغم تغير الرؤساء وخلاف الأحزاب الإصلاحية والمحافظة، بل إن البعض يعتبر أن إيران بعد التوقيع على اتفاقها النووى مرشحة في المستقبل المنظور أن تتجاوز سلميا وديمقراطيا نظام ولاية الفقيه الذي سيبقى موجودا من الناحية الرمزية فقط، ومن الناحية العملية ستنقل معظم صلاحيات مرشد الثورة إلى المؤسسات المنتخبة مثلما حدث في بريطانيا مع نظامها الملكى (الملك يملك ولا يحكم) عقب عقود طويلة من التراكم والضغوط الشعبية والترتيبات السياسية أدت إلى استمرار الملكية وتغيير طبيعتها.

أما تركيا فقد أسقط زعيمها مصطفى كمال أتاتورك دولة الخلافة الإسلامية وأسس في عام 1925 الجمهورية العلمانية الجديدة، ومنذ ذلك التاريخ عرفت تركيا نظما سياسية مختلفة بعضها كان عسكريا وديكتاتوريا وبعضها حاول أن يكون ديمقراطيا، وبعضها الثالث بدأ ديمقراطيا وإصلاحيا (مثل أردوجان) وانتهى مصابا بداء التسلط والرغبة الدفينة في البقاء الأبدى في السلطة.

النظم السياسية التركية الممتدة لم تغير توجهها 180 درجة نتيجة تغير الحاكم أو الحزب، إنما بقيت محافظة على خط واحد ظل حاضرا في خلفية كل السياسيين وهى العلمانية، والتحالف مع الغرب والاندماج في المنظومة العالمية الغربية، وذلك منذ تأسيس جمهوريتها وحتى الآن.

والحقيقة أن الخبرة المصرية كانت في بدايتها مبشرة فقد عرفت مثلا تركيا زعيما من خلفية عسكرية قاد ثورتها على الملكية وهو جمال عبدالناصر وأسس النظام الجمهورى وأصبحت لحظة القطيعة مع النظام الملكى الذي امتد 150 عاما هي عام 1954 حين أعلن عبدالناصر الجمهورية وأسس نظاما جديدا.

والحقيقة أن محاولات القطيعة السياسية التي جرت في مصر بعد هذه اللحظة الفاصلة والمبررة تاريخيا في القطيعة بين الملكية والجمهورية لم تكن لها نفس المبررات وعطلت مسيرة مصر ولم تساعدها على التقدم مثلما جرى في شكل القطيعة بين السادات وتجربة عبدالناصر وأيضا ما جرى في أعقاب ثورة 25 يناير.

فكيف وقعنا في خطأ وخطر المسارات المقطوعة؟.. يبقى هذا حديث الغد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسارات المقطوعة 1 2 المسارات المقطوعة 1 2



GMT 20:35 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!

GMT 18:38 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

محمد مندور.. عواصف الفكر والعودة للثوابت

GMT 13:43 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ما هى كرة القدم فى مصر؟!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 09:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 09:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 09:28 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 09:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حضنُ بوتين لبشار الأسد

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon