توقيت القاهرة المحلي 18:31:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الملائكة لا يموتون

  مصر اليوم -

الملائكة لا يموتون

عمرو الشوبكي

رحل باسم صبرى، الشاب الرائع الخلوق، نهاية الأسبوع الماضى، إثر حادث أليم، رحل وهو فى مقتبل العمر، ولم تتجاوز سنه الـ32 ربيعاً، وهو الشاب الحالم المخلص شديد الأدب والرقى، تحترمه حتى لو اختلفت معه، وتحب دماثة خلقه غير السائدة، ونقاءه، وعقله الراجح، ورؤيته النقدية، واحترامه الحقيقى للخلاف، وعدم انجراره تحت أى ظرف لتخوين مخالفيه، هذا المشهد الذى انفجر فى وجوهنا بعد 25 يناير.
باسم صبرى يمكن أن تعتبره شاباً ثورياً أو ديمقراطياً أو مدنياً، ولكنه فى كل الأحوال لم يكن من هؤلاء الذين اعتبروا الثورة مهنة والسياسة وظيفة، إنما هو نموذج لنوعية من الشباب، نجحت فى أن تشغل عقلها فى عز اشتعال موجة العواطف الثورية والهتاف ضد كل شىء فى مصر، حتى سئم الناس حديث الثورة والثوار، فكان هو بوجهه الباسم وحواره الهادئ مصدر اطمئنان للجميع، بأن الثورة كانت فى حد ذاتها عملاً ملهماً وشريفاً.
باسم صبرى لم تمنعه ثوريته من أن يكون وطنياً حتى النخاع وعقلانياً حتى النهاية، لم يتأثر بالخطاب السائد حوله، إنما اعتاد دائما أن يؤثر فيه، ولا يسلم لمفرداته، إنما أن يخلق لنفسه ولجيله حيزا خاصا قادرا على التأثير والتأثر أيضا بما يدور حوله.
عرفت باسم بعد ثورة يناير، وكان نموذجا للإخلاص والذكاء، امتلك طاقة هائلة فى تقديم مبادرات دائمة وأفكار مبتكرة، وتعمقت علاقتى به، حين قرر أن ينضم إلى حملتى الانتخابية فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وشارك بفاعلية ونشاط، واختار أن يترجم أهداف الثورة إلى مشروع سياسى بديل، وليس فقط صوت احتجاج.
لم أقابل باسم فى الأشهر الثلاثة الأخيرة إلا مرة واحدة، حين حضر مع شباب آخرين المؤتمر الثانى لمؤسسة البلد فى 8 يناير الماضى، ولم يخف مخاوفه وانتقاده المسار الحالى. صحيح أنه لم يرفض الدستور الجديد، رغم اعتراضه على بعض مواده، ولم يكن متحمساً للمقاطعة، ولم يدخل فى مزايدات ثورية على أعضاء اللجنة، وكان مؤمناً بأن علينا أن نضغط، ونناضل من أجل خلق بديل مدنى ثالث بين الجيش والإخوان، وألا نكتفى فقط بالاحتجاج والرفض، ونتصور أننا بذلك يمكن أن نساهم فى بناء أى بديل.
لم يغادر باسم نقاءه الثورى، ولم يتردد فى إبداء انتقادات للمسار الحالى، وأحيانا ما اختلفنا، ولكنى كنت أشعر دائما بأن انتقادات أو ملاحظات شاب مثله أفضل ألف مرة من منافقين يعلنون موافقتهم على كل شىء لحسبة أو لمصلحة خاصة.
والمؤكد أن ميزة باسم الكبرى أن خلافه أو اتفاقه معك لا يشعرك بأى فرق، فلا تشعر حين يختلف معك بأنه يتربص بك، أو يصفى حسابات شخصية معك، إنما يقر منذ البداية بأن من حقك أن يكون لك رأى أو تقدير مختلف دون أى اتهامات مسبقة، تماما مثلما كان يتفق معك لا حسبة ولا مصلحة خاصة.
باسم صبرى كان من الرقى أنه يشعرك، حين يتحدث معك، بأنه يهمس فى أذنك حتى لا يبدو أنه محتد ومعترض، أو مؤيد ومهلل، فقد كان نموذجا تمنينا أن يعم أوساط الكبار والشباب معا، ولكن الموت اختطفه مبكرا جدا قبل أن يستكمل مشروعه السياسى ودوره الوطنى.
رحم الله باسم صبرى، كان مصدر إلهام للشباب والكبار معاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الملائكة لا يموتون الملائكة لا يموتون



GMT 17:20 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صوتى لكامالا هاريس

GMT 17:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان.. خلاف الأولويات

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon