توقيت القاهرة المحلي 00:09:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهَتِّيفة

  مصر اليوم -

الهَتِّيفة

عمرو الشوبكي

هو نمط ثقافى وسياسى عرفه كثير من دول العالم الثالث وتخصص فيه الكثيرون فى مصر، فهم أصحاب الصوت العالى من الإعلاميين والسياسيين ومحترفى نفاق أى سلطة من الاتحاد الاشتراكى حتى الحزب الوطنى، ومن مؤيدى عبدالناصر والسادات ومبارك والسيسى، يظهرون وقت الأزمات ويحولون النقاش النقدى الذى يبحث فى أوجه القصور إلى هتافات بالروح والدم تُغَيِّب وعى الناس وتلغى عقولهم وتحرك غرائزهم.

والهَتِّيفة فى العادة ما يكونون مناصرين للسلطة، ولكننا وجدنا كثيرا منهم فى المعارضة، فبعضهم شارك فى ثورة 25 يناير وحاول خطفها لحسابه الخاص فاحتكر الحديث باسمها على فيس بوك والفضائيات وحولها لمهنة نفَّرت كثيرا من الناس منهم ومنها.

أما هَتِّيفة الكوارث فهم الذين استمعنا لهم قبل هزيمة 67 وبعدها، وهم الذين حاولوا أن يخرسوا كل الأصوات لصالح صوت واحد لا يعلو فوق صوت المعركة، وهم الذين جعلوا بناء السد العالى (أعظم مشاريع مصر فى العصر الحديث) مرادفا للتغطية على الأخطاء السياسية الجسيمة التى كانت نتيجتها نكسة 67.

الهتِّيفة شهدنا بعضهم يرقص فى مجلس الشعب حين قرر عبدالناصر أن يتراجع عن استقالته، قبل أن تجف دماء الشهداء فى سيناء، هؤلاء قالوا إننا لم ننهزم مادام عبدالناصر باقيا فى السلطة، وهؤلاء طالبوه بأن يقتل كل المعارضين، وطالبوا الشعب بأن يقف صفاً واحداً خلف الزعيم، وهاجموا انتفاضة الطلاب العظيمة فى 68 التى وقفت ضد الهزيمة ودعمت الديمقراطية.

ولولا أن فى مصر كتاباً مثل محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين ومحمد سيد أحمد وآخرين كتبوا كلاما مختلفا ولم ينضموا إلى كتيبة الهتِّيفة واعترفوا بالأخطاء وتحدثوا عن زوار الفجر وعن الإدارة السياسية والعسكرية الفاشلة لما أعيد بناء الجيش على أسس احترافية جديدة كانت الطريق إلى نصر أكتوبر، ولما كتب عبدالناصر بيان 30 مارس ليفتح باب الإصلاحات السياسية.

هتِّيفة المرحلة الجديدة يتصورون أن معركة مصر ضد الإرهاب ستبدأ من جامعة القاهرة ومن برنامج تليفزيونى ومن شباب تظاهروا سلميا فحكم عليهم بالسجن، وبتحويل النقاش المطلوب حول لماذا تتكرر هذه الحوادث، أين أوجه القصور، ولماذا لا تشاهد إمدادات فورية تصل للكمائن الثابتة وتواجه الإرهابيين، ما الذى جرى فى سيناء، وهل أصبحت هناك بيئة حاضنة ولو جزئيا للإرهاب، بما يعنى أن مواجهتها لن تكون فقط بالقوة المسلحة، أين أساتذة السياسة والاجتماع، أين الشركات الوطنية، أين السياسيون من التواصل مع أهل سيناء؟ لقد غابوا أو غُيِّبوا بفضل العزلة التى فرضها نظام مبارك على مبادرات المجتمع لصالح الإجراءات الأمنية.

حين تقول: كيف نواجه الإرهاب؟ هو سؤال لا يخص السلطة فقط كما يردد الهتِّيفة، ولا يعنى بالضرورة أن خياراتها كلها صحيحة، لأن من سقطوا هم جزء من كل مواطن مصرى وخوفه على جيشه ودولته لن يزايد عليه بالصراخ والصوت العالى، إنما بمعرفة أوجه القصور ومعالجتها.

الإرهاب لن نهزمه بكتيبة الهتِّيفة الذين يُسمعوننا صباحا ومساء أننا فى حالة حرب، وليس مهما أن نكون فى حالة حرب أم لا، إنما المهم أن نكسب الحرب، وهو لن يتم إلا إذا ناقشنا أسباب الإرهاب وطرق مواجهته بكل شفافية ووضوح. ونسأل عن علاقة المسار السياسى الحالى بصعود الإرهاب، وهل إذا بقيت مصر ديمقراطية سيختفى الإرهاب؟ وإذا حللنا مشاكل سيناء هل سيتراجع أم سينتهى الإرهاب؟

هذه أسئلة لن يجيب عنها الهتِّيفة، إنما نقاش عميق لم نبدأْه بعد، رغم أن الخطر بات يطرق الأبواب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهَتِّيفة الهَتِّيفة



GMT 20:27 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الأوكرانية.. أولوية أميركية

GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 00:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية
  مصر اليوم - الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لكل مؤسسات الدولة اللبنانية

GMT 06:53 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اعتماد قواعد تسجيل الدراسات العليا في الجامعات المصرية

GMT 17:35 2018 الإثنين ,12 شباط / فبراير

شركة "فيات" تشكف عن سيارة عائلية مميزة في 2018

GMT 05:46 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

غوميز تكشف أنّها ستضع صحتها ضمن أولوياتها

GMT 12:40 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

طوني ورد يكشف عن أزياء راقية للمناسبات الصيفية

GMT 06:40 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

المصري يستضيف بتروجت في مواجهة قوية في الدوري

GMT 00:51 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

مروة ناجي تدعم الطفلة أشرقت في "ذا فويس كيدز"

GMT 18:51 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

نهاية اليوم الأول لفتح باب الترشيح داخل النادي الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon