المهندس شريف العزاوى ينتمى إلى تيار المؤيدين للمسار السياسى الحالى، وهو يؤمن بالدولة الوطنية ومؤسساتها، ولم يمنع ذلك- على خلاف تيار واسع من المؤيدين- من أن يفتح نقاشاً حول موضوع المصالحة الوطنية اعتمد فيه على ما سماه الإصلاحات التى تجريها وزارة الداخلية وقدرتها على تصحيح أخطائها، وجاءت رسالته كالتالى:
دكتور عمرو الشوبكى..
تحية طيبة وبعد..
أحب أن أشاركك فى هذا الخاطر الذى لاح لى، لعلمى بأنك من القلائل الذين- باستحياء شديد– يقتربون بشجاعة أحياناً من موضوع المصالحة الوطنية.
أرى بوضوح أن هناك تغييراً نوعياً فى فكر وأداء الداخلية، خاصة فى موضوع الأمن.
تعلن الداخلية باستمرار عن أرقام تليفونات لتلقى شكاوى المواطنين عن أى تجاوزات من أفراد الشرطة فيما يخص حقوق الإنسان وكرامة المواطن المصرى.
أكثر من ذلك، وخلال أسبوع، تحيل الداخلية ضابط شرطة وآخرين استخدموا كمين المرور لحسابهم الشخصى، وفى نفس الوقت يحال الضابط المتهم بقتل شيماء للمحاكمة بعد أن كنا على وشك لمّ الموضوع بالأسلوب القديم بأن الشرطة لم تكن تحمل أسلحة والطلقات جاءت من الخلف من مندسين. والأقوى عندما يعلن اليوم عن التحقيق مع القوة التى تعاملت مع الإرهابى زعيم أجناد مصر وقتلته والذى يستحق القتل مائة مرة.
بادرة عظيمة من جهاز الشرطة، الذى بقدر ما نتمنى أن يستعيد هيبته وقوة ردعه، نأمل منه الالتزام بالقانون وضوابط تطبيقه، كذلك خروج الداخلية من مسلسل الثأر المدمر لأنها لا يجب أن تكون أصلاً طرفاً فى خصومة.
ومن هذه النقطة، لماذا لا نبدأ حملة يقودها حكماء وطنيون من كل الأطياف، وبمساندة من إعلام واعٍ يطالب كل الجماعات المتورطة فى مسلسل الثأر بالتوقف فوراً عما يفعلونه، فيجر الكل إلى خراب محقق لا فائز فيه؟ وندع القانون حقيقة يأخذ مجراه على الجميع بلا تلفيق أو أحكام مسبقة.
قد تبدو الفكرة ساذجة، ولكن عندى قناعة بأن مبادرة الداخلية فيما تفعله واقعياً يمكن أن تكون أساساً متيناً لحل الجزء الأكبر من مشكلة الأمن والأمان والاستقرار الداخلى، لتتفرغ بعد ذلك الأجهزة المعنية، وعلى رأسها القوات المسلحة، للتعامل مع ما يهدد الأمن القومى فعلاً بأجنداته الخاصة الداخلية والخارجية وتكون حرباً حقيقية على الإرهاب الفعلى.
عندى قناعة بأن هذه الفكرة تمس موضوع المصالحة، التى يُخشى الحديث عنها من قريب أو بعيد، حتى وإن كانت تصب أخيراً فى المصلحة العامة وسلامة مصر، همنا الأول والأخير.
أشكرك وأتمنى لك كل التوفيق.
مهندس/ شريف العزاوى
واضح من رسالة المهندس شريف أنه يؤمن بقدرة مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الداخلية، على إصلاح نفسها، وهذا على عكس رؤية الفصيل المفروض أن تتم معه المصالحة، أى الإخوان الذين تكمن مشكلتهم فى أنهم ليسوا معارضين للدولة أو للداخلية وينتقدون أداءها، فكل هذا وارد قبوله فى النقاش السياسى ولو بالاختلاف، إنما المشكلة فى أن هناك خطاباً إخوانياً يرغب فى الانتقام والهدم ويشمت فى الضحايا والشهداء ويحرض ويمارس على العنف.
وإذا أبدت الدولة استعدادها لاستيعاب التائبين والرافضين لهذه الأساليب، كما جرى مع بعض المفرج عنهم (دون أى صفقة) من أعضاء الجماعة ممن لم يثبت تورطهم فى أى عنف، فهم بالتأكيد عنصر من حالة التهدئة وحقن الدماء ومراجعة الذات وليس بالضرورة المصالحة التى يرفضها كل الأطراف.
بالمقابل فإن المصالحة المطلوبة هى المصالحة المجتمعية التى تحافظ على وحدة نسيج المجتمع المصرى وتوقف الاستقطاب بين أنصار كل فريق حتى بلغت حداً مقلقاً، وهنا نحتاج فعلاً لحديث المصالحة.