بقلم - عمرو الشوبكي
العملية الفلسطينية الكبيرة التى جرت أمس استثنائية وغير مسبوقة؛ فقد دخلت عناصر كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكرى لحركة حماس) لأول مرة إلى مدن ومستوطنات إسرائيلية بأعداد فاقت ١٠٠ عنصر وعربات وطائرات شراعية، كما اقتحموا معبر إيريز وكرم أبوسالم وحطموا بجرافات فلسطينية السياج الحدودى الذى يفصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
كما أُطلق حوالى ٧ آلاف صاروخ من غزة نحو إسرائيل وجرت مواجهات عنيفة فى مدن إسرائيلية وليس فقط مستوطنات فى غلاف غزة مثل مدنية عسقلان وسيدروت، كما سيطروا وضربوا ٣٥ موقعًا وقتلوا حتى الآن ٣٠ إسرائيليًّا وأسروا آخرين وأصابوا حوالى ٥٠٠.
واللافت أن مواجهات 2019 و2022 اقتصرت المواجهة فيها على حركة الجهاد فقط دون باقى الفصائل ومنها حماس ولم يسقط فيها أى ضحية إسرائيلى رغم إطلاق سرايا القدس (الجناح العسكرى لحركة الجهاد) مئات الصواريخ على عدد من المدن الإسرائيلية.
قد استهدفت إسرائيل قادة الجهاد ولم تستهدف قادة حماس، وكان هناك احترام لقواعد الاشتباك بين الجانبين كما هو الحال مع حزب الله فى لبنان، خاصة أن حركة حماس ما زالت، على خلاف حركة الجهاد، لا تمثل جزءًا أصيلًا من الحسابات الاستراتيجية الإيرانية وأنها رغم علاقتها الجيدة معها حافظت على قدر من الاستقلالية وأعلت من شأن حساباتها الفلسطينية.
عملية المقاومة الفلسطينية اليوم استثنائية لأن فيها ابتكارًا ودقة واحترافية كبيرة، ورسائلها عديدة، فهى من ناحية جاءت بعد فترة ابتعاد لحركة حماس عن المواجهات السابقة التى شملت الجهاد والجيش الإسرائيلى حتى خرجت كثير من الكتابات الغربية تعتبر فيها حماس أنها أصبحت قوة «عازلة» بين باقى فصائل المقاومة وإسرائيل، وجاء هجوم اليوم ليكسر هذه النظرية لأن هذا النوع من العلميات يحتاج لفترات طويلة من الإعداد والتدريب والخداع الاستراتيجى حتى يمكن تنفيذها.
كما حملت رسائل إخفاق إسرائيلى داخلى وفشل سياسى وأمنى واستخباراتى كبير، كما عكست فشلًا كاملًا لسياسات حكومة نتنياهو التى انشغلت بالسيطرة على السلطة القضائية وقهر الشعب الفلسطينى واعتباره غير موجود، وتبنت سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة والفصل العنصرى واستمرت فى بناء المستوطنات بالضفة الغربية بصورة جعلت حل الدولتين عمليًّا شبه مستحيل. يقينًا لقد فشلت سياسات حكومة نتنياهو فى تجاهل حقوق الفلسطينيين وتبرير الاحتلال وأصبح استمرارها على المحك.
يقينًا العمليات العسكرية المسلحة رغم ما تثيره من حماس وتعاطف عربى إلا أنها لا تمثل فى ذاتها حلًّا للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، إنما هى رسالة رفض واحتجاج مفهومة فى ظل الاحتلال المطلوب منه أن يستفيد من رسالتها من أجل إجبار إسرائيل على إنهاء الاحتلال وإعادة الحقوق للشعب الفلسطينى وعلى رأسها حقه فى بناء دولته المستقلة.
سترد إسرائيل بعنف وقسوة وطالما بقى الاحتلال ستستمر المنطقة فى حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد.