توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كسر الدائرة المغلقة

  مصر اليوم -

كسر الدائرة المغلقة

بقلم : عمرو الشوبكي

دائرة العلاقة بين السلطة والشعب دائرة جهنمية مغلقة لم تخرج منها البلاد منذ ثورة 1919 حتى الآن لأنها تقوم على معادلة تقول إن الشعب فشل فى حكم نفسه، وإنه لا بديل عن وصاية الدولة على الشعب أو «المجتمع القاصر».

والمؤكد أن خبرتنا التاريخية تقول إن حزب الوفد الذى خرج من رحم واحدة من أهم ثورات مصر وأعظمها، وهى ثورة 1919، لم يحكم البلاد إلا حوالى 6 سنوات غير متصلة حتى قيام ثورة 52، وباقى الفترات كانت سلطة الحكم أو الطبعة الملكية من الدولة العميقة تُزوِّر الانتخابات لصالح أحزاب الأقلية وتُقْصى «حزب الشعب» وضمير الحركة الوطنية (الوفد).

ورغم أن مصر عاشت فترة شبه ليبرالية فإن سلطة الملك والاحتلال كانت أكبر من سلطة الشعب، وجاءت ثورة يوليو بقيادة جمال عبدالناصر، واعتبرت أن من فشل هو الأحزاب السياسية، بما فيها الوفد، وليس فقط السلطة الملكية، واعتبر أنه لتحقيق الاستقلال وتأسيس الجمهورية الجديدة لابد من بناء تنظيم سياسى واحد يتحدث باسم الشعب دون السماح لباقى الاتجاهات بالتعبير عن نفسها فى أحزاب.

والمؤكد أن لحظة يوليو 52 تشبه لحظة 3 يوليو 2013 فى أمر واحد يتيم، هو أن من أيَّد الضباط الأحرار ومن أيَّد بيان السيسى كان يعتبر أن المجتمع والأحزاب السياسية فشلت فى تحقيق طموحاته، وأن تدخل قوة من خارج المشهد السياسى ممثلة فى الجيش كان محل ترحيب غالبية الناس بصرف النظر عن أن مسار عبدالناصر لا علاقة له بمسار السيسى.

لقد سئم الناس خلافات الأحزاب قبل ثورة يوليو 52 وفشلها فى تحقيق مطلب الشعب الأساسى فى ذلك الوقت، وهو الاستقلال، وجعلها تدعم «حركة الجيش» التى نجحت فى فترة وجيزة فى تحقيق الاستقلال وإسقاط النظام الملكى وتأسيس النظام الجمهورى.

إن خللاً ما فى أداء المجتمع والنخب السياسية والحزبية جعل القادم من خارج المشهد الحزبى (ناصر والضباط الأحرار) ينال قبولاً شعبياً ويؤسس نظام الحزب الواحد على أنقاض التجربة التعددية وشبه الليبرالية الوحيدة التى عرفتها مصر فى تاريخها المعاصر.

نفس هذا المشهد تكرر عقب ثورة يناير، ويدهشك أن بعض أنصار الرئيس السيسى لا يطيقون عبدالناصر، ويقولون إنه قضى على التقدم، وفرض نظاماً ديكتاتورياً وبنى نظاماً عسكرياً!! (غير صحيح).. وغيرها من المفردات، فى حين أن نفس معنى ودلالة تدخل الجيش فى مرحلتى عبدالناصر والسيسى، وقبول أغلب الناس له، يكاد يكون واحداً حتى لو اختلف مسار كلا النظامين جذرياً.

الفرصة قبل ثورة يوليو 52 كانت للشعب ولنخبته السياسية والحزبية وأضاعها فجاء من حكم باسم الشعب لا باسم الديمقراطية، ولاحت الفرصة الثانية عقب ثورة يناير للخروج من الدائرة المغلقة وحكم الدولة العميقة فى طبعتها الجمهورية وفشلت، وبعيداً عن أسباب هذا الفشل فإن النتيجة تقول إن الشعب، أو بالأحرى المجتمع، عجز عن وضع القواعد الحديثة لبناء دولة القانون، سواء كان هذا الفشل بسبب خطاب المراهقة الثورية أو أجندة الإخوان السرية أو ضعف النخب والأحزاب المدنية أو أداء المجلس العسكرى، والحقيقة أن كل هؤلاء جاءوا من تربة هذا الشعب، وأن من يتصور أن فشل السلطة منفصل تماماً عن فشل المجتمع مخطئ، فهى تعكس فى جانب منها أزمة المجتمع وضعف قدرته على تنظيم نفسه فى نقابات وجمعيات أهلية وأحزاب بجانب انهيار التعليم وارتفاع نسبة الأمية (الثلث) والعوز والفساد.

إن جوهر رسالة يناير فى حكم الشعب بنفسه واختيار ممثليه فى انتخابات تشريعية ورئاسية.

اعتبرها قطاع واسع من الشعب مع مؤسسات الدولة العميقة «بئس الاختيار»، وإن حصيلة حكم الشعب عقب ثورة يناير كانت كارثة على الوطن والدولة، فكان لابد من العودة إلى الدائرة المغلقة بالتخلى عن حكم الشعب، فشتم جزء من الشعب حكم الشعب، وحُشيت عقول الكثيرين بنظريات المؤامرة الأمنية، وكلام مغيب، وما لم تجد تربة تقبل «الكلام الفارغ» لما سادت الخرافة الدينية والوطنية.

والحقيقة أن خبرة فشل الأحزاب والقوى السياسية فى تنظيم نفسها، وفى بناء خطاب سياسى مقبول شعبياً، جعلت هناك دائماً مبرراً عملياً لأى سلطة تمتلك أجهزة منظمة قائمة على الأوامر (بصرف النظر عن كفاءتها) لأن تقول: الشعب غير مهيأ للديمقراطية، وأن تكون فى أى مبارزة مع مجتمع وأحزاب ضعيفة فى وضع أفضل بكثير.

والحقيقة أن المشهد السياسى الحالى فى مصر بائس حتى لو كانت السلطة مسؤولة فى جانب عن حالته، إنما يقيناً المسؤولية الأكبر تقع على القوى السياسية؛ لأنه ليس مطلوباً منها الآن بناء قواعد جماهيرية منظمة بالآلاف ولا الخروج فى تظاهرات إنما فقط قراءة الواقع دون أوهام ومعرفة مثلاً هل الخلاف بين السلطة وأغلب المجتمع والقوى السياسية يرجع إلى أن الأولى رجعية والثانى ثورى؟، أم أن السلطة رأسمالية والثانى اشتراكى؟، أم أن السلطة دينية والأحزاب مدنية؟، أم أننا فى واقع يقول إن السلطة تعتبر المجتمع كله ليس مهماً، بمن فيهم المؤيدون، وإن المطلوب هو كسر تلك الدائرة المغلقة بالبحث عما تبقى من قوة المجتمع، واستعداد نخبته لتغيير المعادلة القائمة على إقصاء المجتمع وليس فقط الأحزاب، بالاعتراف بقوة الدولة (ولو فى ظل عدم كفاءتها) والبحث عن «جسر آمن » بين النظام القديم والجديد لا يقبل إسقاط الدولة ولا إقصاء المجتمع بشراكة تنقل البلد خطوات للأمام وتكسر الدائرة المغلقة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كسر الدائرة المغلقة كسر الدائرة المغلقة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon