توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتفاضة عكس السير

  مصر اليوم -

انتفاضة عكس السير

بقلم - عمرو الشوبكي

انتفاضة الشعب السودانى المستمرة منذ أكثر من شهر جاءت فى وقت سارت فيه معظم الثورات العربية فى طريق بناء نظم وأوضاع سياسية أسوأ مما كانت عليه قبل الثورات.

وإذا كان من الطبيعى أن ينتفض قطاع واسع من الشعب السودانى ضد نظام شاخ رئيسه فى الحكم 30 عاما، فقد بقى السؤال الكبير وهو ما مصير هذه الانتفاضة الشعبية العظيمة والسلمية والراقية فى ظل واقع عربى يقول معظم حكامه إن الثورات والانتفاضات كانت وبالاً على شعوبها وإن قطاعاً من الرأى العام يترحم على الأوضاع والنظم السابقة للثورات من مصر إلى ليبيا إلى اليمن، وحتى تجربة النجاح التونسية هناك تيار يرى أن الأوضاع فى عهد بن على كانت أفضل مما هى عليه الآن؟!

انتفاضة السودان تحمل رسائل وتحديات كبرى، فهى أولاً تعيد الاعتبار لـ«الطبيعى» أى من حق الشعوب أن تثور على حكامها إذا بقوا فى السلطة سنوات طويلة وفشلوا فى الاقتصاد كما فى السياسة، وفى نفس الوقت هى تثير التحدى الدائم، وهو أن الهدف ليس إسقاط النظام القائم إنما هو بناء نظام بديل.

والحقيقة أن معضلة السودان كبيرة ومركبة فهو بلد عانى من انقسامات عرقية أدت إلى انفصال جنوبه وهو يعانى من انقسامات مشابهة فى دارفور لا تزال تهدد وحدته، كما أنه يعانى من توظيف الدين فى السياسة، فالحكم هناك يدعى أنه إسلامى وتحالف مع الإخوان لفترة طويلة قبل أن يفض التحالف الرسمى بينهما ويبقى على عناصر إخوانية كثيرة داخل أروقة السلطة، وأنتج نموذجاً لا يدرس من الحكم الاستبدادى الذى وظف الدين للتنكيل بالخصوم والمعارضين وفى الفشل السياسى والاقتصادى.

ورغم أن الشعارات التى يرفعها الحكم فى السودان إخوانية وتتناقض مع شعارات نظم عربية كثيرة تدعمه إلا أن تيار إبقاء الأوضاع القائمة الذى يحكم معظم البلاد العربية دعم النظام السودانى فى مقابل تراجع تيار التغيير الذى بات قطاع منه غير متأكد من نتائج الانتفاضات الشعبية بعد أن اكتشف أن بعضها أنتج نظماً وأوضاعاً سياسية أسوأ من التى ثاروا عليها.

انتفاضة السودان يمكن أن تتلافى أخطاء وخطايا تجارب الفشل فى الثورات العربية وتحدد أولاً المسار البديل ببناء خط سير سياسى (وليس بالضرورة جبهة أو تنظيم أو أيديولوجية) قد يقبل باستمرار البشير فى السلطة وضمان عدم ترشحه مرة أخرى للرئاسة فى العام القادم، أو يتوافق على دعم أحد الوجوه شبه الإصلاحية من داخل النظام، خاصة فى ظل تداول أسماء من داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، يمكن أن تمثل جسرا آمنا بين النظامين القديم والجديد وسيكون وصولها للسلطة بفضل انتفاضة شعبية وليس عبر ترتيبات الأجهزة والدولة العميقة.

انتفاضة السودان قريبة من أن تقدم نموذجا ناجحا بشرط أن تعرف أن معارك التغيير والإصلاح هى معارك بالنقاط وليست بالضربة القاضية.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة عكس السير انتفاضة عكس السير



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon