توقيت القاهرة المحلي 05:08:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء؟

  مصر اليوم -

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء

بقلم - عمرو الشوبكي

أثار قرار الرئيس الفلسطيني اختيار حكومة خبراء جديدة يرأسها خبير مالي واقتصادي هو محمد مصطفي، عاصفة من الجدل والاعتراضات؛ بخاصة من حركة «حماس»، ودخل في أعقابها كل من حركتي «فتح» و«حماس» في سجال «غير حميد» وبيانات متعارضة.

والحقيقة مطلوب مناقشة مسألة وجود وزارة ووزراء في الأراضي الفلسطينية بصورة تتجاوز سجال «فتح» و«حماس» لتقول: نعم تحتاج الدولة الفلسطينية الواعدة -مثل أي دولة- لوزراء ورئيس ومحافظين، ولكن يحتاج الوصول إليها إلى منظمة تحرير جديدة وليس حكومة سياسيين أو تكنوقراط، فالأراضي الفلسطينية التي تأسست عليها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة عقب اتفاق أوسلو لم تخرج عن طوع الاحتلال، ولم تستطع التخلص من قيوده، وظلت هذه السلطة تدير أراضي إما محتلة وإما شبه محتلة وإما محاصرة، ومع ذلك أصبح لديها رئيس للدولة (غير الموجودة) ووزراء ورئيس وزارة، وهي كلها مناصب شكلية لم تعكس معاني حقيقية على الأرض، فلا وزارة الخارجية هي وزارة في دولة ذات سيادة لها تأثير يذكر على الساحة الدولية مرتبط باسمها، ولا أي وزارة أخرى يستطيع أن يتحرك وزيرها من منطقة إلى أخرى من دون موافقة سلطة الاحتلال، وأصبحت هناك أسماء «لكيانات» غير موجودة فعلياً على الأرض.

ليس مطلوباً تفكيك الحكومة ولا السلطة لصالح الفراغ، إنما البحث عن منظومة جديدة تتجاوز مفهوم السلطة والوزارة التي يبدو أنها لم تعد قادرة على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني في الوقت الحالي.

صحيح أن السلطة تأسست عقب اتفاق أوسلو الذي فتح الباب لقيام دولة فلسطينية، استدعي معها قيام السلطة، قبل أن تقضي عليها إسرائيل بمضاعفة أعداد المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية، وحصار غزة وتحويلها إلى سجن كبير.

لقد اتضح عقب 30 عاماً من اتفاق أوسلو أن هياكل السلطة باتت مشلولة، بفعل الاحتلال أولاً، وأخطاء في أدائها ثانياً، مع التمسك بفكرة أن هناك وزراء لديهم جهاز إداري وأمني فيه مديرون وموظفون وترقيات، وله ميزانية، ويسيطر على مبانٍ وبضع شوارع محيطة، في الوقت الذي تدار فيه المعارك الحقيقية في جنين وكثير من مدن الضفة أو في غزة وهم غير مؤثرين فيها، أو في التظاهرات المدنية والشعبية التي تجري في فلسطين التاريخية (الشيخ جراح مثلاً) أو في الضفة الغربية، ولم تكن تحتاج لوزراء يدعمونها أو يدافعوا عنها، وكانت المنظمات المدنية والحقوقية وأصوات الضمير في العالم هي داعمهم الأول.

الرهان على دور للسلطة في أراضٍ فلسطينية محتلة يحتاج إلى مراجعة؛ ليس بغرض الشطب والإلغاء أو لعب لعبة الفصائل في «خناقات» بين «فتح» و«حماس»، إنما لكون تاريخ النضال الفلسطيني هو بالأساس فيه استجابة جديدة لتحديات كل مرحلة، فـ«منظمة التحرير الفلسطينية» التي تأسست بقرار من القمة العربية التي عقدت في القاهرة عام 1964 وتبنت الكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين، والرد على جرائم الاحتلال، أو لفت انتباه العالم للقضية الفلسطينية كما قال قادة المنظمة وقتها، غيَّرت من برنامجها وتوجهاتها تبعاً للتحولات السياسية.

لقد ضمت المنظمة كفاءات وقادة وسياسيين كباراً في تاريخ الكفاح الفلسطيني، مثل: فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية الأسبق للمنظمة، كما ضمت مفاوضين كباراً، منهم من تفاوضوا سراً مع إسرائيل، مثل أحمد قريع، ومنهم من تفاوضوا علناً، مثل حيدر عبد الشافي، ولم يحملوا جميعاً لقب وزير، ولم يكن هناك وقتها رئيس أو حكومة، إنما كفاءات امتلكت حضوراً كبيراً على المستوى العربي والدولي، من دون حاجة للافتة بيروقراطية.

وقد غيرت المنظمة من برنامجها مع تغير الظروف السياسية، وقبلت في 1974 بإنشاء دولة ديمقراطية «مؤقتة» على الأراضي الفلسطينية التي احتلت عقب حرب 1967، وفي عام 1988 تبنت حل الدولتين، واعترف ياسر عرفات في 1993 رسمياً بإسرائيل، وفي الوقت نفسه اعترف إسحاق رابين بـ«منظمة التحرير الفلسطينية» ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، ودخل الجانبان في مفاوضات أدت إلى اتفاق أوسلو الذي كان يفترض أن يفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة، أجهضتها إسرائيل بسياستها الاستيطانية، وبجرائمها التي ارتكبتها بحق الجميع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

يقيناً، التحول الذي أحدثته المنظمة في خطابها وبرنامجها منذ نصف قرن كان مطلوباً، حتى لو عدَّته فصائل أخرى -مثل «الجبهة الشعبية» و«حماس»- تنازلاً، رغم أن الأخيرة استفادت من اتفاق أوسلو، وضاعفت قوتها التنظيمية في الأراضي الفلسطينية، حتى حققت أغلبية في انتخابات 2006، ولولا «أوسلو» التي هاجمتها لما حققت هذه النتائج.

والحقيقة أن التحول في تاريخ نضال أي حركة تحرر وطني أمر مشروع، وانتقال المنظمة في لحظة تاريخية من النضال المسلح إلى السلمي كان له مكاسب، وكان مطلوباً أن تؤسس سلطة فلسطينية على الأراضي المحررة؛ لأنها كان يفترض أن تؤدي بعد 5 سنوات إلى دولة فلسطينية، فكانت السلطة وحكومتها ورئيسها تلبية لتحدي بناء الدولة.

أما الآن، وبعد أن اقتطعت دولة الاحتلال أغلب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وبعد أن مارست إبادة جماعية في غزة، وبعد فشل اتفاق أوسلو، فإن منظومة السلطة تحتاج إلى مراجعة؛ لأنها لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الفلسطينية في الوقت الحالي. كما أن عودة المنظمة للقيادة بعد تجديدها، وضم قيادات وكفاءات جديدة من خارج بيروقراطية السلطة، ربما يكونا استجابة صحيحة للتحديات الوجودية التي تشهدها القضية الفلسطينية حالياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء هل تحتاج الأراضي الفلسطينية لوزراء



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 02:01 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد
  مصر اليوم - إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon