بقلم - عمرو الشوبكي
تقدمت روسيا عسكريًا فى أوكرانيا ولم ينهر اقتصادها رغم العقوبات، بل شهدت عملتها الوطنية «الروبل» تحسنًا كبيرًا أمام العملات الغربية، خاصة اليورو والدولار.
على المستوى العسكرى سيطرت روسيا على مدينة ليمان بمشاركة القوات الانفصالية المتحالفة معها فى «جمهورية دونيتسك الشعبية»، والتى عبرها يمكن الوصول إلى جسور السكك الحديدية والطرق المهمة فوق نهر «سيفيرسكى دونيتس».
وقبلها سيطرت روسيا على مدينة ماريوبول الاستراتيجية الساحلية التى تربط بين روسيا ومنطقة دونباس وشبه جزيرة القرم، وبالتالى تمهد الطريق لإحكام سيطرتها على بحر آزوف، كما أسرت أكثر من ألفى جندى أوكرانى كانوا محاصرين فى مجمع آزوفستال الصناعى داخل المدينة.
ويعتبر محرر الشؤون الأوربية فى قناة «بى بى سى» أن الاستيلاء على مدينة «ليمان» بداية هذا الأسبوع يمثل لحظة مهمة فى التقدم البطىء للقوات الروسية والموالية لها من أجل السيطرة على شرق أوكرانيا، وأن السيطرة على هذه المدينة منح روسيا والقوات المتحالفة معها فرصة التحكم فى طريق رئيسى بين الشرق والغرب، وستصبح على بعد 20 كيلومترًا من مدينة سلوفيانسك، إلى الجنوب الغربى، المركز الرئيسى للنقل والإمداد فى أوكرانيا.
وتستمر القوات الروسية فى قصف بلدات ومدن شرق أوكرانيا بهدف معلن، وهو السيطرة على المنطقة الصناعية القديمة المعروفة باسم دونباس، والتى تتكون من منطقتى لوهانسك ودونيتسك، وهو ما نرى أن تحقيقه بات قريبًا، خاصة أن هناك كثيرًا من المراقبين يعتبرون أن سيطرة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على دونباس يعد انتصارًا فى الحرب.
وقد بدا واضحًا أن روسيا باتت قريبة من السيطرة على الشرق الأوكرانى الذى يرتبط جزء كبير من سكانه ثقافيًا ولغويًا بروسيا، وهو سيعنى انتصارًا فى الحرب وربما طى صفحتها، خاصة إذا أُخذ بعين الاعتبار ما قاله كيسنجر الأسبوع الماضى فى مؤتمر دافوس، عن ضرورة تخلى أوكرانيا عن جزء من أرضها لروسيا لإنهاء الحرب.
اللافت أن أوراق القوة العسكرية التى تمتلكها روسيا ولعبت دورًا رئيسيًا فى تفوقها تواكب معها تماسك وصمود اقتصادى لافت.
فرغم العقوبات الغربية على روسيا فقد ارتفعت قيمة العملة الروسية إلى أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات، حيث امتثل العديد من الشركات الأجنبية لمطلب الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بالتحول إلى الدفع بالعملة الروسية مقابل الغاز الطبيعى. وقفز الروبل بما يصل إلى 9٪ مقابل اليورو، مسجلًا أقوى مستوى له منذ يونيو 2015، وارتفعت العملة الروسية 6.6٪ مقابل الدولار.
وأدت ضوابط رأس المال وانهيار الواردات وارتفاع أسعار الطاقة إلى جعل الروبل أقوى بنحو 20٪ مما كان عليه قبل غزو أوكرانيا قبل ثلاثة أشهر تقريبًا.
أوراق القوة الحقيقية لروسيا هى أنها بلد منتج يزرع ويصنع ويصدر، فصمدت أمام خيار عسكرى وسياسى لايزال محل جدل.