بقلم - عمرو الشوبكي
أدرجت الأمم المتحدة إسرائيل على القائمة السوداء للدول التى تضر بالأطفال فى مناطق الصراع، والأمين العام للأمم المتحدة، «أنطونيو جوتيريش»، ينوى نشر هذه القائمة فى 18 يونيو القادم، وتُعرف باسم «قائمة العار»، وستكون سارية المفعول لمدة 4 سنوات.
ورغم أن الأمم المتحدة أدرجت أيضًا حركتى حماس والجهاد على نفس القائمة الخاصة بعدم احترام حقوق الأطفال، فإن ذلك لم يهدئ رد الفعل الإسرائيلى الذى فاق كل الحدود، واتهم السفير الإسرائيلى لدى الأمم المتحدة المنظمة الدولية بأنها منحازة إلى حماس، وأن إخطارها له بقرار إدراج الجيش الإسرائيلى على هذا الملحق للتقرير السنوى للأمين العام للأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الأطفال غير مقبول، وهاجم بشدة جوتيريش، وكرر الاتهامات السابقة بأنه داعم لـ«إرهاب حماس»، بعد أن سبق وصفه بأنه مُعادٍ للسامية.
أما نتنياهو فاعتبر «أن الأمم المتحدة هى التى دخلت القائمة السوداء وانضمت إلى مناصرى حماس»، ووصف جيشه بأنه أكثر «جيوش العالم أخلاقية»، وهو وصف من وقاحته بات أقرب إلى النكتة، حيث إننا من الصعب أن نجد جيشًا فى العالم تعمد فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية وربما قبلها قتل الأطفال والنساء واستهداف المدنيين مع سبق الإصرار والترصد، وبدا نتنياهو غير مكترث كما هى العادة بقرارات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، حتى أصبح فى حكم المؤكد أن إسرائيل دولة محصنة فوق القانون والشرعية الدولية.
إن ضم إسرائيل إلى قائمة العار قرار أممى متأخر لأن دولتها اختارت التطرف والعنصرية والقتل والتهجير كسمات لمشروعها، والعصا التى حملها الاستعمار فى كل مكان فى العالم كثيرًا ما حمل معها «جزرة» لتحييد بعض الناس أو شراء ولاء البعض الآخر أو عمل تقدم فى بعض الجوانب إلا إسرائيل، التى اختارت فقط العصا، أى الإبادة الجماعية، وهذا نمط نادر فى تجارب الاحتلال التاريخية، أن يكون الهدف هو إبادة شعب آخر وليس حتى استغلاله اقتصاديًّا وسياسيًّا.
لم يقل مسؤول سياسى أو عسكرى أمريكى أثناء غزو العراق أو أفغانستان إنه ينوى إلقاء قنبلة نووية على الشعبين، ولا وصف أفرادهما بأنهم حيوانات بشرية، ولم يُحرض المجتمع فى التجارب الاستعمارية المعاصرة على الإبادة الجماعية إلا فى حالة إسرائيل.
جريمة الإساءة إلى الأطفال تعبير «مهذب» لما تقوم به إسرائيل من جرائم فى قطاع غزة فى حق المدنيين والأطفال، وهو امتداد للأساس الذى قامت عليه منذ نشأتها فى نفى الآخر والعمل على إزالته من الوجود.
جانب من أزمة إسرائيل تواطؤ المجتمع الدولى معها وغض الطرف عن جرائمها، ومحاولات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية محاسبة إسرائيل لا تمثل فقط محاولة لتطبيق القوانين الدولية على الجميع، إنما أيضًا ردع إسرائيل فى محاولة لجعلها دولة طبيعية تحاسب على جرائمها وليست فوق القانون.