بقلم - عمرو الشوبكي
بعد أسبوعين من الاجتماعات المكثفة فى ضاحية بوزنيقة المغربية وفق صيغة 6+6، التى تضم مناصفة أعضاء من البرلمان ومجلس الدولة، اتفق الطرفان على مجموعة من المخرجات وصفها المشاركون فى الاجتماع بأنها حلت كافة نقاط الاختلاف بشأن قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وبأن القوانين التى تم التوافق عليها لا تمنع أى شخص من الترشح.
أما وزير الخارجية المغربى الراعى للحوار فقد قال إن اجتماعات اللجنة «مكّنت من التوصل إلى توافقات مهمة بشأن الانتخابات وتحتاج إرادة سياسية لتكون قابلة للتطبيق».
ورغم أن كثيرين توقعوا أن يوقع على هذا الاتفاق كل من رئيسى مجلس النواب عقيلة صالح والمجلس الأعلى للدولة خالد المشرى، ولكنه لم يحدث حتى اللحظة رغم الكلام الدبلوماسى الذى أعلناه وأبديا فيه ترحيبهما بما وصفاه بـ«الاتفاق».
وكما هى عادة الحالة السياسية الليبية، فقد اعتادت أن تشهد اتفاقات أو تفاهمات سياسية لا تُطبق نصوصها فى الواقع أو لا تكون محل توافق بين كل الأطراف، وتصبح مجرد حبر على ورق.
إن هذا الاتفاق الذى جرى بدون توقيع فى المغرب رفضه 61 عضوًا فى مجلس النواب، واتهموا لجنة 6+6 بالانحراف عن مهمتها، فى حين اعتبر 54 عضوًا من المجلس الأعلى للدولة أن التوجه بالسماح بترشح العسكريين ومزدوجى الجنسية سابقة خطيرة، أى أن هناك نسبة كبيرة من داخل المؤسستين- اللتين ذهب ممثلوهما للتفاوض فى المغرب- رفضت هذا الاتفاق من الأساس، ويصبح السؤال: هل هناك منطق من أن يكون هناك مَن يذهب للتفاوض بالنيابة عن جهة أو مؤسسة، ثم تقول له هذه الجهة- بعد أن يتفق باسمها: «إن ما توصلتَ إليه لا يعبر عنّا»؟؟؟!.
وتعلقت خلافات قوانين الانتخابات أساسًا بترشح مزدوجى الجنسية للرئاسة والعسكريين، وجرى التوافق على اقتراحات بتخلى مَن يحمل جنسية أخرى عنها فى حال تمكّنه من دخول الجولة الثانية للانتخابات، إضافة إلى مقترح برفع عدد أعضاء مجلس النواب إلى 290، على أن يتكون مجلس الشيوخ من 90 عضوًا، وتنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن.
وتظل المفارقة أن النواب أنفسهم أشادوا بعمل اللجنة وما توصلت إليه من اتفاقات، ولكنهم فى نفس الوقت رفضوا تصريحات أعضاء اللجنة المتعلقة بزيادة عدد أعضاء مجلس النواب المقبل، وطالبوا بعدم التدخل فى المقاعد البرلمانية بزيادتها أو نقصانها وتركها للدستور المقبل.
ستبقى الخطوة الأولى للخروج من الأزمة الليبية فى التوافق الليبى/ الليبى، وهو حتى هذه اللحظة غائب، وفى حال حدوثه سيبقى مطلوبًا من المجتمع الدولى ضمان تطبيق، وربما فرض هذه التوافقات فى أرض الواقع.
ستظل الانتخابات الليبية هى الوسيلة المثلى لتحقيق الاستقرار والأمن فى ليبيا، ولكنها ليست هدفًا فى ذاته، ولذا مطلوب وضع كل الضمانات الدولية لنجاحها وفرض نتائجها على الجميع.