توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعار حماية المدنيين

  مصر اليوم -

شعار حماية المدنيين

بقلم - عمرو الشوبكي

كررت الولايات المتحدة ومعها دول غربية عديدة شعار ضرورة حماية المدنيين فى قطاع غزة، وهو الشعار الذى كررته أمريكا بصيغ مختلفة قبل اجتياح إسرائيل لرفح وطالبتها بحماية المدنيين، واعتبرت أنها لا تبذل الجهد الكافى لحمايتهم، وفى نفس الوقت رفضت أن تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية أو أنها تتعمد استهداف المدنيين.

التعبيرات الرقيقة والجمل التى من نوع مطالبة إسرائيل بمزيد من الحذر للحفاظ على أرواح المدنيين، أو ضرورة زيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، تبدو فى الحقيقة شكلية ومنفصلة تماما عما يجرى فى الواقع من إبادة جماعية ومن استهداف متعمد للمدنيين الفلسطينيين.

أتفهم أن يكون هناك موقف أمريكى/ غربى داعم لفكرة هزيمة حماس وتفكيك قدراتها العسكرية، إنما أن يتفرج على مشروع إسرائيلى متكامل قائم على قتل المدنيين والانتقام والتنكيل من الأبرياء، وتكتفى أمريكا بشعار «بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين» أمر غير مقبول.

خطورة هذا الموقف أنه لم يقتصر على انحياز سياسى معتاد لإسرائيل، وتحالف بين غرب له تاريخ استعمارى مع دولة استعمارية جديدة، وإنما وصل إلى تمييز بين أرواح البشر على أساس حضارى وثقافى، تمثل فى الفارق الهائل بين التعامل مع المدنيين الإسرائيليين الذين سقطوا فى عملية 7 أكتوبر وبين التعامل مع المدنيين الفلسطينيين الذين بلغوا حتى الآن أكثر من ٣٥ ضعف من سقطوا للجانب الإسرائيلى.

لقد قسمت أمريكا شعوب العالم إلى «أولى» تنتمى لنفس منظومتها الثقافية والسياسية تستحق الحياة والحماية، و«ثانية» لا تنتمى لنفس منظومتها الحضارية والسياسية لا تستحق الحياة وبلا حقوق إلا من بعض شعارات إبراء الذمة مثل «بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين».

أمريكا ومعها دول غربية كثيرة استعادت مع حرب غزة مخزونا ثقافيا غربيا استعماريا كامنا فى أوقات السلم لكنه يخرج فى أوقات الحرب ويحمل فيه كثير من «أهل الغرب» نظرة دونية تجاه من هم خارج الحضارة الغربية، ويعتبرون دماء الرجل الأبيض سواء كان فى إسرائيل أو أوروبا أو الولايات المتحدة «درجة أولى» وأكثر أهمية وأكثر قيمة من دماء أصحاب البشرة الملونة «الدرجة الثانية»، سواء كانوا فى إفريقيا أو آسيا أو حتى أمريكا الجنوبية، وهو أمر يتجاوز مسألة الدعم العسكرى أو التحالف السياسى والاستراتيجى ليصل إلى نظرة تمييزية عميقة تجاه الشعوب والثقافات الأخرى.

صحيح أن هناك من داخل الغرب من ينتقد هذه العقلية ويسعى لتغييرها أو التخفيف من وقعها، وشاهدنا مظاهرات الرفض للجرائم الإسرائيلية وأصوات الضمير التى يطلقها كتاب وفنانون وأدباء وسياسيون وطلاب فى وجه هذه المنظومة السياسية الحاكمة، إلا أنها لم تنجح حتى اللحظة فى تغييرها.

سيبقى شعار حماية المدنيين الذى رفعته أمريكا منذ الشهر الثانى لحرب غزة تطبق إسرائيل عكسه فى الواقع ودون أى محاسبة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعار حماية المدنيين شعار حماية المدنيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 02:01 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد
  مصر اليوم - إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 05:55 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أشرف زكي ينعى الشيخ صالح كامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon