بقلم - عمرو الشوبكي
ستظل إسرائيل دولة فوق القانون الدولى، مهما ارتكبت من جرائم فى حق المدنيين، فهى تعرف أنها لن تُحاسب وأنها فوق المساءلة.
وقد دلّت كل المؤشرات الأولية على أن المسؤول عن قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة هو جندى إسرائيلى، كان يستقل «جيب» عسكرية على بُعد أمتار منها، فأصاب زميلها أولًا، ثم استهدفها ثانيًا، ما أدى إلى استشهادها على الفور.
واللافت أن عددًا من المسؤولين فى الإدارة الأمريكية الحالية، منهم المتحدث باسم وزارة الدفاع ووزير الخارجية، طالبوا جميعًا إسرائيل بضرورة إجراء تحقيق عادل وشفاف، وحين يتم سؤالهم: ماذا سيكون رد فعل الإدارة الأمريكية فى حال أسفر التحقيق عن تحميل إسرائيل مسؤولية هذه الجريمة؟، يكون الرد واحدًا ومرتبكًا لدى الجميع: «يجب ألّا نسبق الأحداث ونتائج التحقيقات، وإننا نطالب بتحقيق شفاف»، رغم أن كل المؤشرات تؤكد مسؤولية إسرائيل عن هذه الجريمة.
والحقيقة أنه لولا قناعة إسرائيل بأنها لن تُحاسب على أى جريمة تقترفها لمَا أقدمت على قتل «أبوعاقلة» بدم بارد.
إن سجل إسرائيل فى انتهاك القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة حافل، ولم تسبقها فيه أى دولة أخرى، حتى أصبحت فوق أى مساءلة وتمتعت بحصانة استثنائية، فمنذ عام 1967 والأمم المتحدة تصدر قرارات من أجل حماية المدنيين، ولا تُنفذ، مثل القرار رقم 237، الذى طالب إسرائيل باحترام حقوق الإنسان فى المناطق التى تأثرت بصراع الشرق الأوسط، وأن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة المُلِحّة إلى رفع الآلام عن السكان المدنيين وأسرى الحرب فى منطقة النزاع.
وفى أعقاب هذا القرار، صدر القرار التاريخى الذى ظل حبرًا على ورق، وهو قرار مجلس الأمن الدولى رقم 242، الصادر فى سنة 1967، وطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضى التى احتلتها فى حرب 1967، ولم يُنفذ.
كما أصدر مجلس الأمن القرار رقم 271 لعام 1969، حيث أدان فيه محاولات إسرائيل حرق المسجد الأقصى، ودعا إلى إلغاء جميع الإجراءات التى من شأنها تغيير وضع القدس، وهو القرار الذى لا يزال يُنتهك حتى اللحظة، وشهدنا القرار الذى أصدرته إحدى المحاكم الإسرائيلية، والذى يعطى الحق للمصلين اليهود فى الصلاة داخل باحات المسجد الأقصى، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة.
وهناك العديد من قرارات مجلس الأمن التى شجبت الممارسات الإسرائيلية التى تنتهك حقوق الإنسان للشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، والتى تطالب إسرائيل بتنفيذها فورًا والالتزام باتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، وأبرزها القرار 605.
ستظل جريمة اغتيال شيرين أبوعاقلة كاشفة للطبيعة العدوانية للدولة العبرية، ولكنها كاشفة أيضًا لعدم قدرة المجتمع الدولى على فرض قرارات الأمم المتحدة وتطبيق الشرعية الدولية على إسرائيل، حتى أصبحت دولة مُحصنة فوق القانون.