توقيت القاهرة المحلي 12:40:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرموز الدينية

  مصر اليوم -

الرموز الدينية

بقلم - عمرو الشوبكي

تُعد فرنسا من أكثر بلدان العالم انشغالًا بقضية الرموز الدينية، خاصة أنها حضرت فى النقاش السياسى العنيف، الذى دار بين المرشح الرئاسى الفائز إيمانويل ماكرون ومنافِسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان.

والمعروف أن فرنسا من البلدان الأوروبية القليلة التى منعت الرموز الدينية من المؤسسات العامة، صحيح أن هناك بعض البلدان العربية والمسلمة فعلت مثلها كتركيا، التى منعت ارتداء الحجاب فى المؤسسات العامة والحكومية منذ بدأ الزعيم الوطنى التركى مصطفى كمال أتاتورك تجربته العلمانية فى عشرينيات القرن الماضى، كما شهد العالم العربى صورة مُخفَّفة نسبيًّا من تجربته على يد الزعيم الوطنى التونسى الحبيب بورقيبة.

لقد اعتبرت فرنسا- وفق منطلقاتها الثقافية وخصوصية تجربتها العلمانية- الحجاب أحد أبرز الرموز الدينية، ومنعته من المؤسسات العامة والمدارس، ويبقى السؤال: هل هذا الموقف يمكن تبسيطه بأنه «عداء للإسلام» أم أن هناك خصوصية للعلمانية الفرنسية جعلتها تتخذ هذا الموقف من الرموز الدينية؟.

الحقيقة أن خصوصية النموذج العلمانى الفرنسى ترجع إلى قانون 1905، الذى ينص على عدم قيام الدولة بالإنفاق على المؤسسات والهيئات الدينية، وإجراء فصل كامل بين المجال العام والدين، وهو يعنى رفض أى رمز دينى فى المؤسسات العامة، فلا تجد على لوحة الشرح فى المدارس الحكومية صليبًا مُعلَّقًا مثل كثير من المدارس الأوروبية، ولا يُسمح بارتداء الحجاب أو غطاء الرأس فى أى مؤسسة حكومية، وهذا ينطبق على القلنسوة اليهودية وليس فقط الحجاب الإسلامى.

ومعروف أن المدارس الكاثوليكية الخاصة فى فرنسا هى التى قبلت الطالبات المسلمات بعد استبعاد مَن تمسكت منهن بارتداء الحجاب من المدارس الحكومية، بما يعنى أن المتدينين كانوا أكثر انفتاحًا وقبلوا المسلمات المحجبات فى مدارسهم دون أن يطالبوا بتغيير قوانين الجمهورية العلمانية بمنع الرموز الدينية فى المدارس الحكومية.

واللافت أن ماكرون- الذى نظر إليه البعض فى العالم العربى باعتباره «معاديًا للإسلام»- عاد وهاجم بشراسة طرح مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان منع الرموز الدينية فى الأماكن العامة، واعتبر أن هذا الطرح سيجعل من فرنسا البلد الوحيد فى العالم الذى يُمنع فيه الحجاب فى الشوارع والمواصلات العامة، واعتبره توجهًا مناهضًا للعلمانية الفرنسية.

قضية الرموز الدينية حضرت بقوة فى الانتخابات الفرنسية، ولأول مرة نجد رئيسًا فرنسيًّا يؤمن تمامًا بالنموذج العلمانى الفرنسى وبمنع الرموز الدينية من المؤسسات العامة مثل ماكرون، يضطر أن يدافع عن حرية ارتداء الحجاب مادام كان خيارًا شخصيًّا ومادام كان خارج المؤسسات العامة كما تنص قوانين الجمهورية.

سيبقى فهم خصوصية النموذج العلمانى الفرنسى مدخلًا لفهم كثير من المواقف المركبة تجاه قضية الرموز الدينية، وعلى رأسها الحجاب، فهو يرفضه فى المؤسسات العامة ويقبله فى الأماكن العامة، ويرفض الإجبار على ارتدائه أو منعه فى المجال الخاص.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرموز الدينية الرموز الدينية



GMT 09:45 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

جوال قتّال

GMT 09:43 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

حرب الخطة أم حرب التداعيات؟

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الدهناء وبواعث الشجن

GMT 09:40 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

زيارة إلى وادي السيليكون الفرنسي

GMT 09:37 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

محاولات لفتح ملفات لوكربي المغلقة

GMT 09:35 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

الطرح المخاتل لمشكلة الهجرة غير النظاميّة

GMT 09:24 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

المعرفة القاتلة والحرب المحتملة

GMT 09:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

التحدى الإسرائيلى!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 12:22 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
  مصر اليوم - عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon