بقلم - عمرو الشوبكي
خلّفت عملية 7 أكتوبر حوالى 1300 قتيل إسرائيلى، ولكنها خلفت أيضًا عدوانًا لجيش الاحتلال لم تعرفه أى حروب سابقة على قطاع يبلغ طوله 41 كيلومترًا، وعرضة ما بين 6 إلى 12 كيلومترًا، ومساحته 356 كيلومترًا مربعًا.
والحقيقة أن حصيلة هذه الحرب كانت شديدة القسوة على الشعب الفلسطينى، حيث فاق عدد الضحايا كل الحروب السابقة التى جرت فى قطاع غزة عقب انسحاب إسرائيل، وكانت بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال، فحرب 2008 راح ضحيتها ألف شهيد فلسطينى، وفى 2014 سقط 2147 شهيدًا. أما فى هذه الحرب فكانت الحصيلة ثقيلة على كل المستويات، فلأول مرة يُقْدم جيش الاحتلال، وربما أى جيش آخر فى العالم، على قصف ١٤ مستشفى، آخرها مستشفى كمال عدوان، أمس الأول، ما أدى إلى سقوط ٣٠ شهيدًا وعشرات المصابين. كما ألقى جيش الاحتلال ٦٠ ألف طن قنابل على غزة، كما قام الطيران الإسرائيلى بـ١٠ آلاف طلعة جوية فى شهرين، وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ الحروب، ولم يحدث فى الحرب العالمية الثانية أن أُلقى على نفس المساحة هذا العدد من القنابل. أما أعداد الشهداء فبلغ ١٦ ألفًا، بينهم ٧٠٪ نساء وأطفالًا، حيث بلغ عدد الشهداء الأطفال حوالى 6200، والسيدات حوالى 4 آلاف أما أعداد المصابين فبلغت حوالى ٤٢ ألف مصاب، بينما لايزال آلاف من جثامين الشهداء تحت الأنقاض، ولم تتمكن الفرق المختصة من انتشالهم.
حصيلة هذه الأعداد من الضحايا فى غزة ستطرح فى الحقيقة سؤالين، الأول: هل حسبت حركة حماس رد الفعل الإسرائيلى وبأى درجة؟ المؤكد أن حماس كانت تعلم أن الدولة العبرية سترد بعنف وقسوة شديدة ولكن هل لهذه الدرجة؟ الحقيقة أن مناقشة الموضوع ليس بغرض البكاء على اللبن المسكوب ولا بغرض إدانة حماس أو بالأحرى إدانة مبدأ المقاومة المسلحة طالما هناك احتلال، إنما فى استخلاص العبر والدروس عن أى وسائل المقاومة أكثر نجاعة لتحقيق هدف التحرر وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة. أما السؤال الثانى: فلأى درجة يمكن التعويل على الرأى العالم العالمى فى وقف العدوان الإسرائيلى دون أن يكون الطرف المقاوم حاضرًا ومتواصلًا معه سياسيًا وقانونيًا؟ ورغم أن الرأى العام الشعبى والعالمى كان ورقة الضغط الرئيسية على حكوماته الغربية إلا أنها لم تكن كافية حتى اللحظة لوقف العدوان، وأحد أسباب ذلك أن قوة الدفع التى يعطيها الطرف المقاوم حين يمتلك قيادات سياسية تستطيع أن تتحاور مع العالم، خاصة أصوات الضمير فيه، كما فعلت جبهة التحرير الوطنى الجزائرية، وأيضًا المؤتمر الوطنى الإفريقى، وهو ما لا تمتلكه حركة حماس. ستبقى حصيلة حرب غزة ثقيلة على أى نفس بشرية سوية، والمطلوب أن يصبح الثمن الذى دُفع خطوة حقيقية نحو التحرر الفلسطينى والاستقلال.