بقلم - عمرو الشوبكي
هما اثنان من رموز القوى المدنية: عبدالحليم قنديل، الصحفى الكبير صاحب القلم الجرىء والتاريخ الناصع، ومحمد منيب، المحامى الناصرى الصلب صاحب المواقف الشجاعة والمبدئية. كلاهما من قيادات الحركة الناصرية ولهما باع طويل فى العمل السياسى المعارض فى عهود السادات ومبارك ومرسى، وتميزا بالاستقامة الشديدة فى الدفاع عن قناعتهما.
اختلفت مواقفهما من العهد الحالى، فقد أيد عبدالحليم قنديل عن قناعة الرئيس السيسى ودعمه واختلف فى بعض التوجهات وانتقد أوجه قصور كثيرة، فى حين كان موقف محمد منيب هو المعارضة على أرضية وطنية ومن خلال الإيمان بالدولة الوطنية ومؤسساتها واختلف على دورها وأدائها السياسى.
وقد أيدت محكمة النقض مؤخرا الحكم الصادر بحقهما فى القضية المعروفة بـ«إهانة السلطة القضائية» بالحبس ثلاث سنوات وقاما بالفعل بتنفيذ الحكم منذ أن أيدته أعلى سلطة قضائية فى مصر مع عدد آخر، أبرزهم المحامى منتصر الزيات والسياسى حمدى الفخرانى وآخرون.
والحقيقة أن صحفيا بتاريخ عبدالحليم قنديل تعرض لأذى بالغ فى عهد مبارك، ومع ذلك حافظ على نزاهته ولم يتنازل عن شبر واحد من قناعته ولم يتلون ولم يستفد أو يسترزق من السياسة وظل صوت ضمير نزيه لكثير من السياسيين والصحفيين حتى مع من اختلفوا مع أفكاره وكتاباته.
وشارك عبدالحليم فى ثورة يناير وأيدها ثم عارض بشراسة حكم الإخوان ولم يمارس أى مواءمات معهم بعد أن وصلوا للسلطة مثلما فعل البعض، واختلف عن قناعة أيضا مع كثير من رموز تياره وأصدقائه القدامى حين دعم الرئيس السيسى انتخابيا وسياسيا معتبرا أن التحديات التى تواجهها مصر تستلزم إعطاء الأولوية للتنمية ومحاربة الإرهاب وليس الديمقراطية.
ومع ذلك فقد دافع الرجل بشراسة عن كل معتنقى الرأى من التيار المدنى (أى من خارج الممارسين للعنف أو المحرضين عليه) ودخل فى معارك صحفية مع حيتان الفساد والبلطجة بشجاعة نادرة وبدون أى حسابات، ومثل وجها محترما لمؤيدى الحكم الحالى عن قناعة.
تأييد عبدالحليم للدولة فى جوانب كثيرة (ومعارضته فى بعض الجوانب) هى قناعاته التى يجب أن تحترم، مثلما أن معارضة منيب لكثير من توجهات النظام الحالى يجب أيضا أن تحترم وتجعل معاملته بالشكل الإنسانى ووفق القواعد والأعراف القانونية.
يقينا لا أحد يطالب بأن يعفو الرئيس عن المؤيدين ويترك المعارضين، ولا أن يتم عدم تنفيذ أحكام القضاء خاصة إذا أيدتها محكمة النقض (مثلما فعل البعض)، إنما المطلوب تفعيل العفو الرئاسى فى حالات كثيرة تخص معتقلين سلميين قد يكون بعضهم أخطا أو تجاوز لكنه لم يكن أبدا لا محرضا ولا إرهابيا.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع