بقلم - عمرو الشوبكي
لم يتوقف الجدل العالمى والعربى حول مستقبل الصحافة الورقية بعد تصاعد تأثير المواقع والمنصات الإلكترونية الجديدة، وأصبح هناك حضور لمنصات إعلامية عابرة للقارات بكل ما تبثه من قيم ومن هوية «متعولمة» عابرة للحدود، وأصبحت قضية الانفتاح على العالم إجراء حضاريا وضرورة عصرية، حيث ساهمت الثورة المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصال الرقمى، في خلق وسائل إعلام جديدة، أصبحت في متناول عدد كبير من الجمهور، كالصحافة الإلكترونية والبريد الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى والمدونات وغيرها.
والحقيقة أن أحد أبرز التحولات التي شهدها الإعلام مؤخرا بسبب تأثيرات الثورة المعلوماتية تمثل في أزمة الصحافة الورقية، التي أخذت خلال السنوات الأخيرة في التفاقم نتيجة ثورة الاتصالات والمعلومات وظهور شبكة الإنترنت.
وتتمثل هذه الأزمة في عزوف كثير من القراء عن اقتناء أو مطالعة الصحف الورقية، ونشأة جيل جديد لم يعد يتعامل مع الورق، وفى تغير أنماط الاهتمام والقراءة لدى مجتمع المعرفة، وشيوع ثقافة الحصول المجانى على المعلومة، وهى بكل المعايير هوية جديدة ونمط جديد من التفاعلات لم يكن موجودا من قبل.
وقد خلقت هذه الوسائط هوية فرعية خاصة لمستخدميها خاصة أن الجانب الأكبر من مستهلكى محتوى هذه الوسائط (بعيدا عن المشاهير والشخصيات العامة) من الشباب، حيث أصبح مشهد الجيل الذي يتراوح عمره بين 14 عاما و34 عاما وهو يحمل هاتفه المحمول ويتابع هذه الوسائط منتشرا في كل بلاد العالم، ولم يقتصر على بقعة حضارية واحدة إنما امتد إلى الشرق والغرب. ويعود صدور أول نسخة لصحيفة إلكترونية في العالم إلى عام 1993، حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركورى الأمريكية نسختها الإلكترونية، تلاها تدشين صحيفتى (ديلى تليجراف والتايمز) البريطانيتين نُسختيهما الإلكترونيتين عام 1994، وعربيا كانت الشرق الأوسط هي أول صحيفة عربية تصدر نسختها الإلكترونية، وتزامن معها إصدار صحيفة النهار اللبنانية نسختها الإلكترونية أيضا، ثم اتسعت ظاهرة الصحافة الرقمية والمواقع الإلكترونية لتصبح هي القاعدة في البلاد العربية من مصر إلى المغرب العربى.
ويمكن القول إنه منذ العام 2008 تقريبا بدأ الحديث عن تحول بعض الصحف والمجلات من الورقى إلى الرقمى، كانت «ذا كريستيان ساينس مونيتور» أولى الصحف الأمريكية التي تحولت كليا إلى النسخة الإلكترونية في 2009 بعد قرن كامل من الصدور ورقيا، وآخرها «The independent» البريطانية التي احتجبت نسخها الورقية واكتفت بالإلكترونية. ورغم أن الصحافة في العالم تواجه تحديات كثيرة، إلا أن قضية مستقبل الصحافة الورقية ستظل واحدة من أهم القضايا الجديرة بالنقاش، خاصة أن هناك العديد من الصحف الأمريكية واليابانية والفرنسية والبريطانية وغيرها، حافظت على وجود الصحيفة الورقية وقدمتها بصيغة ومضمون جديد ساعد في جذب جانب مؤثر من القراء، حتى لو في ظل تصاعد تأثير الصحافة الرقمية.