بقلم - عمرو الشوبكي
تفاعُل العالم، خاصة الدول الغربية، مع قضية حقوق الإنسان فى مصر والعالم العربى تحكمه بشكل أساسى رؤيتان: الأولى رؤية محافظة متأثرة بخطاب اليمين القومى المتشدد وتقوم على قناعة داخلية كاملة بأن قضية احترام حقوق الإنسان والديمقراطية فى باقى دول العالم ليست من أولوياتها.
إنما محاربة الإرهاب ووقف الهجرة غير النظامية، أما الثانية فهى الرؤية الليبرالية المتأثرة بالخطاب المدنى والحقوقى، والتى تعتبر أن احترام حقوق الإنسان فى كل بلاد العالم قضية أساسية، ولكنها باتت تعطى الأولوية لمصالحها واستقرار الدول حتى لو جاءت على حساب مبادئ حقوق الإنسان.
ويمكن القول إن الخطاب الرسمى المصرى ركز على أولوية محاربة الإرهاب والتنمية الاقتصادية ومحاربة الهجرة غير النظامية، وهى نقطة لديها دعم شعبى أوروبى لأنها تستدعى معادلة يعيشها كثير من مجتمعاتها، ولم يربحها الخطاب الحقوقى الآخر وهى تقوم على وجود عناصر إرهابية متطرفة تواجهها الدول الغربية بالأمن.
وأيضًا بيئة حاضنة تضم آلاف المسلمين تغذى الإرهاب وتتعرض فى بعض الأحيان لتجاوزات أمنية قُوبلت باعتراضات حقوقية، ولكنها لم تؤثر فى الرأى العام الذى قبل فى أغلبه أى قيود تُفرض فى أوروبا على المسلمين المتشددين فكريًا حتى لو لم يمارسوا العنف أو يحرضوا عليه، وحتى لو جاءت هذه القيود على حساب مبادئ حقوق الإنسان.
إن أولوية محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية دعوة لديها صدى عند تيار اليمين القومى المتشدد فى أوروبا، الذى اعتبر بشكل صريح أو ضمنى أنه ليس مهمًا احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، خاصة أن الغرب لم تعد قضيته نشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان (باستثناء عمل المنظمات الحقوقية)، وأن المطلوب فقط ألا «يُصدِّر» العرب إرهابيين ولاجئين.
ورغم نجاح الخطاب الرسمى المصرى فى التواصل والتأثير فى القوى اليمينية المحافظة فى مختلف دول العالم، إلا أن هناك تحديات تواجه هذا الخطاب فى التأثير فى التيارات الديمقراطية والمدنية وأغلب مؤسسات الفكر والصحف الكبرى. وهى تطلب مراجعة أى أخطاء تحدث فى مجال حقوق الإنسان.
فلا توجد أى ثقافة ترفض قيمة حقوق الإنسان من حيث المبدأ، ولا يجب الذهاب فى هذا الاتجاه بشكل صريح أو ضمنى كما يفعل اليمين المتطرف فى العالم، فمن حق الجميع أن يطالب باحترام حقوق الإنسان والمحاكمات العادلة، ويرفض أى انتهاك من أى نوع.
المطلوب هو تصحيح الأخطاء ومناقشة أى موضوع أو اتهام مطروح، وهو ما سيتيح لنا مواجهة أى تسييس غربى لخطاب حقوق الإنسان.