بقلم - عمرو الشوبكي
شهدت لجنة الخمسين نقاشات حية حول العديد من القضايا المتعلقة بدستور 2014، وهناك عدد من المواد ظلت محل خلاف داخل أعضاء اللجنة ولم تحسم إلا بفارق صوت أو صوتين فى التصويت النهائى.
والحقيقة أن كثيرا من الانتقادات التى وجهت لأداء اللجنة لم يكن لها علاقة بالواقع ويمكن وصفها بالخيالية، حتى بدت تتحدث عن لجنة أخرى ودستور آخر.
ولعل اللافت أن بعض المواد التى كانت محل جدل داخل اللجنة ورفضها الكثيرون بل تمنى البعض تغييرها لم تكن ضمن المواد المقترح تغييرها حاليا، وذلك لسبب بسيط أنها لا تحترم ولا تطبق وتركت مجرد حبر على ورق كما جرت العادة مع دساتيرنا (فى مجملها كانت ممتازة ومشكلتها أنه لا تطبق).
والحقيقة أن أهمية لجنة الخمسين أنها ضمت كل الأطياف المهنية والسياسية داخل المجتمع المصرى، وممثلين عن النقابات ورؤساء كل الأحزاب السياسية الرئيسية (ما عدا حزب الإخوان)، وغير صحيح أن أغلب أعضائها أو حتى جزءا كبيرا منهم من النشطاء أو الثوريين (يمكن وصف اثنين من أعضائها بهذا الوصف)، بل يمكن القول إن أحد الانتقادات التى يمكن أن توجه لها أنها لم تضم ممثلين عن التيار الثورى والحقوقى.
لقد رأس اللجنة وزير خارجية مصر الأسبق والمرشح الرئاسى عمرو موسى وضمت رؤساء أحزاب الوفد والاجتماعى الديمقراطى والكرامة والتجمع والنور السلفى، وشخصيات عامة مستقلة، وأيضا أسماء مثل محمد السويدى رجل الصناعة المعروف والرئيس السابق لتحالف دعم مصر المؤيد للدولة، وأيضا أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية ود. عبلة عبد اللطيف، ود. محمد غنيم، وكلاهما مستشاران فى الرئاسة، ورجال قانون مرموقين (د. جابر نصار ود. منى ذو الفقار) وممثلين للكنيسة والأزهر، وغيرهم من رجال الفكر والثقافة والصناعة والسياسة.
وحتى الشباب فقد غاب عنهم الاتجاه الثورى المتطرف تماما (وهو أحد الانتقادات التى وجهها هذا التيار للجنة الخمسين) فقد ضمت محمود بدر القيادى فى حركة تمرد وعضو البرلمان المصرى عن تحالف دعم مصر المؤيد، وأيضا محمد بدران أحد أبرز القيادات الطلابية الشابة وكان رئيس اتحاد الجمهورية السابق ومؤسس حزب مستقبل وطن المؤيد أيضا للدولة، وشبابا مثل أحمد عيد ومحمد عبد العزيز وعمرو صلاح المعروفين بآرائهم المستقلة والمعتدلة.
لقد غلب على عضوية لجنة الخمسين وبشكل لافت الاتجاه الإصلاحى والمحافظ على خلاف ما يقال أحيانا، صحيح أن عملها تأثر بالمناخ المحيط، وخاصة ضغوط مؤسسات الدولة فى الحصول على حصانة ومساحات تمايز عن باقى المؤسسات.
لجنة الخمسين أخطأت وأصابت وقامت بجهد بشرى وليس عملا مقدسا، وبالتالى من الوارد مراجعته تبعا لتغير الظروف، إلا أن هذا المبدأ ليس له علاقة بالمواد المقترحة للتعديل فهى تحتاج إلى «تعديلات على التعديلات الدستورية»، وفق تعبير الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد، ويبقى ذلك حديثا آخر.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع