بقلم - عمرو الشوبكي
أعلنت روسيا أمس الأول زيادة نفقاتها العسكرية، وسبق لدول الاتحاد الأوروبى أن أعلنت فى نهاية العام الماضى عن زيادة أخرى فى نفقات التسليح، وأصبحنا أمام عودة جديدة لسباق التسلح.
وكان رئيس وزراء روسيا قد أعلن أن موسكو تعتزم زيادة الإنفاق العسكرى بالميزانية، بواقع 25.8%، أى 36.6 تريليون روبل (383 مليار دولار) فى 2024، أى يكون مساويا لنحو 20.4% من الناتج المحلى الإجمالى، كما تنوى روسيا رفع النفقات السرية إلى 115.8 مليار دولار بدلا من 67.8 مليار دولار فى هذا العام، وهو يمثل 30% من إجمالى إنفاق الميزانية، مما يضاعف الحصة السرية التى لم تتجاوز سابقا 15%.
والواضح أن التمسك الروسى بما تراه حقها التاريخى فى الأقاليم الأوكرانية الأربعة جعلها تضاعف من إنفاقها العسكرى، خاصة أنها باتت تتهم أوكرانيا بممارسة تطهير عرقى بحق من يتكلمون الروسية، بما يعنى أنها تتبنى لائحة اتهام سياسية بحق أوكرانيا تبرر خيارها العسكرى وزيادة إنفاقها على التسليح.
بالمقابل سنجد أن دول الاتحاد الأوروبى وافقت بدورها على الالتزام برفع إنفاقها العسكرى ليتجاوز 2% من الناتج المحلى، مع اختلاف فى تاريخ بلوغ كل دولة فى الناتو هذا الهدف، حيث أعلنت إيطاليا أنها ستصل إلى هذا الهدف خلال هذه السنة، أما ألمانيا فيفترض أن تزيد إنفاقها إلى أكثر من 70 مليار يورو فى عام 2024، لتصل إلى نسبة 2%، أما فرنسا فتنوى زيادة نفقاتها العسكرية إلى 300 مليار يورو بحلول عام 2025، أما الدنمارك فقالت إنها لن تبلغ هذه النسبة إلا بحلول عام 2033، وإسبانيا بحلول سنة 2029، وبلجيكا عام 2035.
وحسب تقرير لوكالة الدفاع الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبى كان أقل التكتلات العالمية الكبرى فى رفع الإنفاق العسكرى، فخلال الفترة بين 1999 و2021 ارتفعت هذه النفقات بنسبة 20%، مقارنة بزيادة بنسبة 66% للإنفاق العسكرى الأمريكى، وزيادة نسبتها 292% بالنسبة لروسيا، و592% هى نسبة الزيادة فى النفقات العسكرية الصينية.
وقد تخلصت كل من السويد وفنلندا من عقيدة «الحياد» التى اعتمدتاها لسنوات تجاه حلف الناتو، لتجنب استفزاز روسيا، قبل أن تغيرا موقفهما، وقدمتا طلبا للانضمام للحلف، قُبل بالنسبة لفنلندا، ولا يزال يواجه بعض الصعوبات بالنسبة للسويد بسبب اعتراضات تركية.
بات من المؤكد أن العودة مرة أخرى لسباق التسلح بين أوروبا وروسيا، وبين أمريكا وكل من روسيا والصين، يهدد السلم الدولى، خاصة أن عدم إبداء طرفى الصراع فى أوكرانيا أى مرونة، وتمسك كل منهما بمعادلة صفرية، فروسيا ترغب فى ضم نهائى للأقاليم الأربعة التى تسيطر على معظمها، وأوكرانيا ترغب فى تحرير الأقاليم الأربعة، بجانب «القرم» التى ضمتها روسيا فى 2014، وهى معادلة مازالت تواجه صعوبات على الأرض، حتى فى ظل العودة لسباق التسلح.