بقلم - عمرو الشوبكي
تصاعدت قوة أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وشارك في حكم بعض البلدان، واقترب من الحكم في بلاد أخرى، وفى نفس الوقت تصاعدت قوة اليسار الثورى والمتطرف ومثلت أحد جوانب المشهد السياسى، دون أن تستطيع أن تصل للحكم، وظل التنافس على السلطة بين قوى ثلاثة هي الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية واليمين الليبرالى واليمين المتطرف، وظل أقصى اليسار في المعارضة المؤثرة كما هو الحال في فرنسا دون أن يتوقع أحد أن يشكل حكومة أو يفوز في انتخابات الرئاسة القادمة (٢٠٢٧).
وقد حصلت مرشحة «التجمع الوطنى» مارين لوبان في انتخابات الرئاسة التي جرت العام الماضى على 41.45% من أصوات الناخبين أمام الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حصل على حوالى ٥٨٪ من أصوات الناخبين.
وقد ارتفعت بشكل ملحوظ نسبة الأصوات التي حصل عليها مرشحو اليمين المتطرف بشكل لافت في العقدين الأخيرين، فوالد مارين لوبان (جان مارى لوبان) دخل جولة الإعادة أمام الرئيس الفرنسى الراحل جاك شيراك في ٢٠٠٢، وخسر خسارة ساحقة إذ حصل على ١٨٪ فقط من أصوات الناخبين، ثم عادت ابنته لتخوض الانتخابات في ٢٠١٧ وحصلت على 34% من الأصوات ثم زادت نسبة ما حصلت عليه بحوالى ٧٪ في الانتخابات الأخيرة.
وقد تضاعف عدد مقاعد حزب التجمع الوطنى اليمينى المتطرف لتصبح 89 مقعدًا في الجمعية الوطنية الفرنسية بعد أن كانت ثمانية مقاعد فقط.
كما تصاعد عدد نواب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبى عقب انتخابات ٢٠١٩، وبلغ 105 مقاعد، ليشكل ما يقرب من ثلث أعضاء البرلمان، وهذا مؤشر واضح على التقدم وقوة الضغط التي يمثلونها حتى لو لم يحصلوا على الأغلبية إلا أنهم يسعون أن يشكل خطابهم الأجندة السياسية الأوروبية.
وفى النمسا، وصل «نوربرت هوفر» مرشح حزب الحرية اليمينى المتطرف إلى الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية عام 2016، وحصل على 36.4% من الأصوات، ثم خسر بفارق ضئيل جدًا، وفى ٢٠١٧ تصدر الانتخابات التشريعية حزب الحرية اليمينى المتطرف وشكل حكومة «ائتلافية»، أما في ألمانيا فقد أصبح حزب البديل ثالث أكبر حزب سياسى في البلاد عقب انتخابات «البوندستاج» في 2017، وحصل على 12.6% من الأصوات. وفى انتخابات سبتمبر 2021، تراجع الحزب وحصل على 10% من الأصوات، وظل قوة مؤثرة.
كما تصاعدت قوة أحزاب اليمين المتطرف في السويد والدنمارك وهولندا وشاركوا في تشكيل الحكومة الإيطالية الحالية.
سيبقى التحدى الذي تواجهه أوروبا ليس فقط في تصاعد قوة اليمين المتطرف إنما في تأثير خطابه على معظم الأحزاب السياسية، فقد أصبح جانب أساسى من برامج أحزاب اليمين التقليدى متأثرا بخطاب اليمين المتطرف، وأصبح جانب أساسى من خطاب اليسار في مواجهة اليمين المتطرف. فما هو أبرز ما تضمنه هذا الخطاب؟.. يبقى هذا حديث الغد.