توقيت القاهرة المحلي 17:39:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تغيروا؟

  مصر اليوم -

هل تغيروا

بقلم : عمرو الشوبكي

التخوف المشروع الذى يُبديه كثير من المراقبين للشأن السورى يتركز فى أحد جوانبه على عدم ثقتهم فى الخطاب الجديد لزعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، (الجولانى سابقًا)، واعتقادهم أن هذا كلام يُقال فقط لأنه لم يتمكن بشكل كامل من السلطة تأثرًا بمشروع الإخوان فى مصر الذى قدم خطابًا منفتحًا فى مرحلة «الاستضعاف» حين كان خارج السلطة وقدم خطاب التمكين بعد الوصول إلى السلطة.

والمؤكد أن التجربة السورية تختلف عن نظيرتها المصرية، كما أن الممارسات التى تقوم بها الفصائل المسلحة والخطاب المطمئن الذى تقوله هيئة تحرير الشام جاءت بعد وصولها إلى السلطة وليس قبلها، كما أن بنيتها الفكرية يمكن وصفها بأنها إسلامية تمثل خليطًا من السلفية الجهادية التى تحترم البيئة المحلية ورغبة فى أن تضع قدمًا فى الحداثة وأخرى فى الفكر الدينى المحافظ، وهى صيغة يمكنها أن تتطور وتنتج مشروعًا ثانيًا يتجاوز «خلطتها» الحالية إذا وجدت مسارًا انتقاليًّا صلبًا ينظم بصرامة العملية السياسية ويقبل الجميع.

صحيح أن تجربة هيئة تحرير الشام نفسها فى إدارة إدلب تقول إنها لم تقبل إلا نفسها، وواجهت مظاهرات ضدها ليس بنفس درجة العنف الذى ارتكبه النظام فى مواجهة معارضيه، ولكنها اعتقلت بعض المعارضين، فكيف سيكون أداؤها بالنسبة لسوريا كلها وهى تقترب من السيطرة على السلطة؟، هل ستقبل ومعها باقى الفصائل بقواعد دستور مدنى ديمقراطى؟.

وإذا افترضنا أن هيئة تحرير الشام لا تزال كما هى تنظيمًا متطرفًا تغير فقط فى الشكل والأسلوب ولم يتغير فى المضمون، فإن السؤال المطروح يتعلق بقدرة القواعد الدستورية والقانونية الجديدة على أن تفرض على مختلف الفصائل السورية، بما فيهم هيئة تحرير الشام، قواعد تلتزم بها، وتكون قادرة على دمج مَن يقولون إنهم مؤمنون بهذا المسار الدستورى، وهم الغالبية العظمى من السوريين، ومواجهة مَن سيحاربون هذا المسار، وأبرزهم «طاعون داعش».

سيصبح التحدى الأكبر أمام سوريا هو بناء مسار سياسى انتقالى ناجح وفعال قادر على استيعاب الجميع، صحيح أن المخاطر قائمة، وخاصة فيما يتعلق بحجم مراجعة هيئة تحرير الشام لأفكارها أو على الأقل جانب منها إلا أن نجاح السوريين فى تأسيس مرحلة انتقالية جديدة يتم التوافق على قواعدها القانونية والدستورية، وتُطبق بصرامة على الجميع، سيُحجم من حدة صراع الفصائل فى لحظة توزيع مناصب السلطة لأنه ثبت أنها بداية التناحر والانقسام فى أى تجربة تغيير عربية لأنها تأتى مبكرة، وفى ظل غياب القواعد المنظمة للعملية السياسية ومؤسسات الدولة المحايدة، فيتحول الخلاف بينها إلى صراع، ومن ساحة مواجهة بالكلام إلى مواجهة بالسلاح.

معيار النجاح الأساسى فى التجربة السورية سيكون فى صلابة المرحلة الانتقالية والبناء الجديد الذى سيُبنى، وهو تحدٍّ ليس سهلًا فى ظل وجود فصائل مسلحة وتحديات داخلية وخارجية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تغيروا هل تغيروا



GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يخطئ مرتين في سوريا

GMT 09:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والمسألة الثقافيّة قبل نكبة «حزب الله» وبعدها

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حب وزواج في زمن الحرب

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon