توقيت القاهرة المحلي 19:41:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترامب ومحاربة الإرهاب

  مصر اليوم -

ترامب ومحاربة الإرهاب

بقلم : عمرو الشوبكي

تحدث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى خطابه الأخير بالعاصمة السعودية الرياض، عن بعض ملامح خطته فى محارية الإرهاب، وأكد، فى جانب من خطابة، بديهيات معروفة، وفى جانب آخر عرض تصورات مقبولة فى حين تجاهل جوانب أخرى ثالثة تعد من الشروط الأساسية لمحاربة الإرهاب.

فقد تحدث الرئيس الأمريكى عن مسؤولية إيران فى تمويل الإرهاب وتسليحه وزعزعة الاستقرار فى المنطقة، كما طالب وهو رئيس أكبر دولة بضرورة قطع مصادر تمويل المنظمات الإرهابية، وهو طلب يتحمل مسؤوليته الجميع، خاصة الدول الكبرى. كما طالب الرجل بطرد الإرهابيين من المنطقة، وأكد فى النهاية أن محاربة الإرهاب مسؤولية العالم الإسلامى (الذى أكثر من 90% من ضحاياه مسلمون)، وأن أمريكا ستساعد فى هذا المجال، ووعد فى النهاية أمام زعماء 55 دولة عربية وإسلامية أنه سيقضى على التطرف تماما وينشر السلام والأمن والازدهار فى المنطقة وبقية أنحاء العالم.

والمؤكد أن المدخل الأمنى والعسكرى فى محاربة الإرهاب مهم، ولكنه ليس المدخل الوحيد ولا الرئيسى، فيقينا الإرهابيون الذين يحملون السلاح لا أحد يتصور أن محاربتهم ستكون بالكلمة الطيبة، إنما ستكون أيضا بالسلاح، إلا أن المعضلة ليست أساسا مع التنظيمات الإرهابية المتراجعة فى العراق وسوريا، إنما فى البيئة الحاضنة القادرة على إعادة فرز هذه التنظيمات.

فالانتصارات الصعبة التى يحققها الجيش العراقى فى الموصل وقرب انتهاء معركته مع تنظيم داعش وتحرير المدينة بالكامل، تطرح سؤال ما بعد داعش أو ما بعد تحرير الموصول، وهو سؤال تطرحه كثير من مراكز الأبحاث الأمريكية نفسها، وتعتبر أن الوضع سيظل خطرا (وأحيانا تقول أكثر خطورة) فى العراق وفى المنطقة، حتى بعد القضاء على بنية التنظيم وتحرير الأراضى التى سيطر عليها، لأن من سيتبقى من عناصر داعش سيتحول إلى العنف الفردى، وسيستمر «نموذج داعش» قابلا للتكرار فى أى بيئة حاضنة تعانى من مظلومية سياسية وتهميش اقتصادى واضطهاد مذهبى وطائفى.

والحقيقة أن أزمة خطاب ترامب هى أنه لم يشر لمشكلة سياسية واحدة فى المنطقة، وتجاهل مسؤولية المجتمع الدولى الذى تقوده أمريكا (مثلما اعتاد أن يفعل الحكام العرب فى تجاهل مسؤوليتهم السياسية عن تصاعد الإرهاب)، منذ الغزو الأمريكى للعراق، وفى سوريا بسبب التساهل مع جرائم نظام الأسد والتواطؤ مع جرائم التنظيمات الإرهابية التى دعمتها دول ترعاها أمريكا مثل قطر.

لقد حمل ترامب العرب المسؤولية الأولى فى مكافحة الإرهاب بما يعنى ضمنا أنهم المسؤولون الأوائل عن وجوده، فى حين ركز خطاب الزعماء العرب إجمالا على محاربة الجوانب الفكرية (المتراجعة) للظاهرة الإرهابية، وتصحيح المفاهيم الدينية وغيرها من القضايا التى لم تعد تشكل العامل الرئيسى وراء ظاهرة الإرهاب الجديد.

فالعوامل السياسية التى صارت تمثل السبب الرئيسى وراء الإرهاب تجاهلها بالكامل ترامب إلا فيما يخص معركته مع إيران (لحساب إسرائيل)، فى حين غاب الحديث العربى عن المظالم السياسية والاجتماعية التى تقف وراء تصاعد ظاهرة الإرهاب لصالح التركيز على تدخلات إيران فى المنطقة ورعايتها لتنظيمات إرهابية.

سيبقى الانتصار العربى على الإرهاب رهن امتلاك القدرة على النقد الذاتى ومعرفة مسؤولية كثير من النظم القائمة عن خلق بيئة خصبة لانتشار الإرهاب، وضرورة العمل على وضع استراتيجية سياسية واجتماعية وأمنية لمحاربه الإرهاب، لا اختزال الأمر فى حلول عسكرية تكلف الدول العربية، وعلى رأسها السعودية، أكثر من مائة مليار دولار، ونتجاهل باقى الجوانب لأنها تخص أداء النظم العربية وطريقة حكمها.

المصدر : صفحة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب ومحاربة الإرهاب ترامب ومحاربة الإرهاب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon