بقلم - عمرو الشوبكي
يجب أن تثير أحكام الإعدام الكبيرة فى أى مجتمع مشاعر وأسئلة كثيرة، يجب ألا يكون من بينها الفرح، إنما الحزن على ما وصل إليه المجتمع من قيام جزء من أبنائه بارتكاب عمليات عنف وإرهاب، وكيف نجح قادة الإخوان فى ممارسة غسل دماغ قطاع من الشباب دفعه إلى حمل السلاح وارتكاب عمليات إرهابية؟ وكيف دخل 19 عنصراً مسلحاً اعتصام «رابعة»، فكانوا سبباً رئيسياً وراء سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، فى حين لم يحمل متظاهر واحد فى ميدان التحرير طوال 18 يوماً من ثورة يناير سلاحاً أبيض واحداً.
علينا أن نحزن على كل ضحايا رابعة السلميين، ونحزن على سقوط 700 مصرى، بينهم ما يقرب من 40 من رجال الأمن، مازالت جماعة الإخوان حتى اللحظة لا تعتبرهم من بين الضحايا.
والحقيقة أنه لا يوجد بلد يعتبر أنه حل مشكلة العنف والإرهاب فى أعداد أحكام الإعدام إنما المطلوب هو مواجهة البيئة الحاضنة التى أفرزت كل مَن مارس العنف ومعرفة الأسباب التى تجعل الإرهاب مستمراً معنا، ويحصد كل يوم أرواح رجال الشرطة والجيش.
المجتمعات التى ترغب فى التقدم تتحسر على أن من بين أبنائها طلاباً ومهندسين وأطباء وحرفيين مهرة اختاروا أن يكونوا إرهابيين، وأن يصبحوا جزءاً من منظومة العنف والتطرف. هذا أمر يجب أن يُحزن المصريين، وأن يعملوا جميعاً على مواجهته بأدوات سياسية واجتماعية ودينية وأمنية، لا أن ينتظروا حكماً عادلاً ونهائياً بإعدام إرهابيين، فيمسكوا فيه ويعتبروه نصراً، وينسوا أن النصر الحقيقى هو حماية المجتمع، خاصة شبابه، من تأثير منظومة التطرف.
أحكام الإعدام الأخيرة أثارت انتقادات دولية واسعة، خاصة بيان مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأم المتحدة، والذى صدر مؤخراً، وفى نفس الوقت لم تقم الدولة بأى دور فى الخارج، حتى ولو بعرض ما عندها، فالحكم الأخير سيُنقض، فقد سبق لمحكمة النقض أن نقضت أحكام إعدام سابقة، «أذكر أنى كنت مشاركاً فى ندوة رَعَتْها السفارة المصرية فى باريس فى 2014 عن شرعية (30 يونيو)، وفوجئت بتحول الرأى العام الفرنسى ورجال القانون، الذين كانوا رافضين حكم الإخوان، بعد صدور أحكام بإعدام 500 شخص نُقضت بعد ذلك»، كما ألغت الشهر الماضى إدراج «أبوتريكة» وآخرين على قوائم الإرهاب.
لدينا فرصة للتأثير فى المجتمع الدولى لو ترجمنا حكم محكمة النقض لصالح «أبوتريكة» إلى مسار سياسى يميز بين مَن تعاطفوا أو أيدوا، على خطأ، الإخوان- «نموذج أبوتريكة»- ومَن أيدوا أو حرّضوا أو مارسوا العنف والإرهاب، وهو مسار تحتاجه البلاد فى الداخل والخارج، فهل من مجيب؟.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع