توقيت القاهرة المحلي 02:34:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى الثقافة تتغير

  مصر اليوم -

حتى الثقافة تتغير

بقلم - عمرو الشوبكي

بعضنا يستسهل الأحكام القيمية على الشعوب والمجتمعات، فيقول هذا شعب كسول وهذا شعب خانع وهذا شعب تنفع معه الديمقراطية وهذا لا، وغيرها من الأحكام والتعميمات، التي ثبت بالدليل العلمى والعملى أنها غير دقيقة، وأن ثقافة الشعوب وقيمها وعاداتها تتغير تبعًا للظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة.

والحقيقة أن هذا الكلام أصبح تقريبًا ضد العلم، وضد كل النظريات الحديثة التي فصلت بين كتابات القرون الوسطى، التي كرست أحكامًا قيمية وثقافية على الشعوب، وخاصة كتابات المستشرقين، الذين وصفهم إدوارد سعيد، في كتابه «الاستشراق»، بأنهم قاموا «بشرقنة الشرق»، أي نعته بصفات خاصة به منفصلة عن المسار الإنسانى.

والمؤكد أنه منذ القرن الماضى أصبح نادرًا أن يتحدث أحد عن عيوب أصيلة في شعب، إنما عن واقع مجتمعى تشكله الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة، وأن النظر إلى الهوية الحضارية لبلد ولثقافة شعبه ليس من أجل تنميطها، إنما من أجل تفسير تطورها وتحليل مساراتها عبر تحليل دور أدوات النظم المختلفة سواء كانت تعليمية أو ثقافية أو اقتصادية أو إعلامية، وهنا سنجد اهتمام الكثيرين العلمى والسياسى بكيفية تأهيل بلاد أوروبا الشرقية للتحول الديمقراطى وبناء مجتمع منسجم مع المنظومة السياسية الجديدة، وكيف تم تغيير الثقافة السياسية الألمانية التي أنتجت النازية عبر أدوات فعل اجتماعى وسياسى وإعلامى لتصبح جزءًا أصيلًا من النسق الديمقراطى الغربى.

لم يعد هناك تقريبًا مَن يقول إن سلوكيات الشعوب وقيمهم وعاداتهم ترجع إلى عيوب «جينات» أو نتيجة إرث ثقافى ساكن لا يتأثر بالسياق السياسى المحيط، ولم يعد هناك مَن ينظر إلى الشعوب على أنها مصدر التعاسة والشقاء، إنما إلى منظومة الحكم والإدارة وأدواتها المختلفة سياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا القادرة على بناء شعب متقدم يحترم القانون والعلم وآخر نامٍ غارق في الجهل والأمية.

فلا يزال كثيرون منّا في العالم العربى يتحدثون عن كيف كانت ثقافة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكيف تغيرت وتحولت في العصر الحالى، وأن ملابس النساء في بلد مثل مصر في ستينيات القرن الماضى مقارنة بما عليه الحال الآن تقول وكأنهن في بلد آخر، ودون أن يعنى ذلك حكمًا قيميًّا بتفضيل زى على آخر، إنما يعنى التحول والتغير في منظومة القيم الحاكمة وفى الهوية السائدة، التي رجحت شكلًا لسيدات الطبقة الوسطى في ستينيات القرن الماضى، وأفرزت آخر (حجاب وغطاء الرأس) منذ ثمانينيات القرن الماضى حتى الآن، وفى كلتا الحالتين كان الشعب واحدًا، وأن الفرق في السياق السياسى والاجتماعى والتعليمى أنه لم يعد هناك حديث يُذكر عن شعب متحضر وآخر متخلف لأسباب ثقافية وحضارية، وأن نظرية العيب في ثقافة الشعوب باتت تقريبًا خارج العلم لأنه ببساطة حتى القيم الثقافية وعادات الناس وسلوكياتهم تتغير عبر الزمن والسياق السياسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى الثقافة تتغير حتى الثقافة تتغير



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon