توقيت القاهرة المحلي 18:31:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حتى الثقافة تتغير

  مصر اليوم -

حتى الثقافة تتغير

بقلم - عمرو الشوبكي

بعضنا يستسهل الأحكام القيمية على الشعوب والمجتمعات، فيقول هذا شعب كسول وهذا شعب خانع وهذا شعب تنفع معه الديمقراطية وهذا لا، وغيرها من الأحكام والتعميمات، التي ثبت بالدليل العلمى والعملى أنها غير دقيقة، وأن ثقافة الشعوب وقيمها وعاداتها تتغير تبعًا للظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة.

والحقيقة أن هذا الكلام أصبح تقريبًا ضد العلم، وضد كل النظريات الحديثة التي فصلت بين كتابات القرون الوسطى، التي كرست أحكامًا قيمية وثقافية على الشعوب، وخاصة كتابات المستشرقين، الذين وصفهم إدوارد سعيد، في كتابه «الاستشراق»، بأنهم قاموا «بشرقنة الشرق»، أي نعته بصفات خاصة به منفصلة عن المسار الإنسانى.

والمؤكد أنه منذ القرن الماضى أصبح نادرًا أن يتحدث أحد عن عيوب أصيلة في شعب، إنما عن واقع مجتمعى تشكله الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة، وأن النظر إلى الهوية الحضارية لبلد ولثقافة شعبه ليس من أجل تنميطها، إنما من أجل تفسير تطورها وتحليل مساراتها عبر تحليل دور أدوات النظم المختلفة سواء كانت تعليمية أو ثقافية أو اقتصادية أو إعلامية، وهنا سنجد اهتمام الكثيرين العلمى والسياسى بكيفية تأهيل بلاد أوروبا الشرقية للتحول الديمقراطى وبناء مجتمع منسجم مع المنظومة السياسية الجديدة، وكيف تم تغيير الثقافة السياسية الألمانية التي أنتجت النازية عبر أدوات فعل اجتماعى وسياسى وإعلامى لتصبح جزءًا أصيلًا من النسق الديمقراطى الغربى.

لم يعد هناك تقريبًا مَن يقول إن سلوكيات الشعوب وقيمهم وعاداتهم ترجع إلى عيوب «جينات» أو نتيجة إرث ثقافى ساكن لا يتأثر بالسياق السياسى المحيط، ولم يعد هناك مَن ينظر إلى الشعوب على أنها مصدر التعاسة والشقاء، إنما إلى منظومة الحكم والإدارة وأدواتها المختلفة سياسيًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا القادرة على بناء شعب متقدم يحترم القانون والعلم وآخر نامٍ غارق في الجهل والأمية.

فلا يزال كثيرون منّا في العالم العربى يتحدثون عن كيف كانت ثقافة الناس وعاداتهم وتقاليدهم في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكيف تغيرت وتحولت في العصر الحالى، وأن ملابس النساء في بلد مثل مصر في ستينيات القرن الماضى مقارنة بما عليه الحال الآن تقول وكأنهن في بلد آخر، ودون أن يعنى ذلك حكمًا قيميًّا بتفضيل زى على آخر، إنما يعنى التحول والتغير في منظومة القيم الحاكمة وفى الهوية السائدة، التي رجحت شكلًا لسيدات الطبقة الوسطى في ستينيات القرن الماضى، وأفرزت آخر (حجاب وغطاء الرأس) منذ ثمانينيات القرن الماضى حتى الآن، وفى كلتا الحالتين كان الشعب واحدًا، وأن الفرق في السياق السياسى والاجتماعى والتعليمى أنه لم يعد هناك حديث يُذكر عن شعب متحضر وآخر متخلف لأسباب ثقافية وحضارية، وأن نظرية العيب في ثقافة الشعوب باتت تقريبًا خارج العلم لأنه ببساطة حتى القيم الثقافية وعادات الناس وسلوكياتهم تتغير عبر الزمن والسياق السياسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى الثقافة تتغير حتى الثقافة تتغير



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon