توقيت القاهرة المحلي 19:56:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

بقلم - عمرو الشوبكي

بوفاة ملكة بريطانيا، طُويت صفحة «شاهدة على عصور»، فقد تولّت عرش بريطانيا وعمرها 26 عامًا بعد وفاة والدها الملك جورج السادس، وبقيت ملكة 70 عامًا، وكان لها دور بارز فى شحذ همم البريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، فذهبت إلى الجنود، وزارت المصابين، وخطبت فى الشعب، وتركت بصمة حقيقية فى نفوس الناس، وظلت- رغم بقائها الطويل فى السلطة- محبوبة من الجماهير، وحَكَمًا بين السلطات.

وبدا لافتًا لكل مَن تابع رد الفعل داخل بريطانيا على وفاة الملكة أنها تمثل قيمة حقيقية لدى الناس ونقطة توافق داخل النظام السياسى، الذى حافظ على عراقة تقاليده رغم الحداثة والتطور.

فكل المذيعين الإنجليز الذين غطوا خبر وفاة الملكة ارتدوا رباطة عنق سوداء، وكذلك المذيعات ارتدين جميعًا ملابس سوداء حدادًا غير مصطنع على وفاتها، وتحدث الجميع بوقار وهدوء، كما أنه بدا مدهشًا أن كل نواب البرلمان والسياسيين فعلوا نفس الشىء، رجالًا ونساء، وتحدثت رئيسة الوزراء الجديدة فى مجلس العموم عن دور الملكة، وكيف أنها كانت رمزًا لوحدة بريطانيا، وأكد نفس الكلام ممثل المعارضة العمالية، الذى أضاف أن قاعة المجلس شهدت خلافات سياسية حادة، وبقيت الملكة فوق الخلافات.

وأذكر أنى زرت مجلسى العموم (البرلمان) واللوردات (المُعيَّن من قِبَل الملكة) منذ حوالى عشر سنوات، ولفتت نظرى قاعته المبهرة، التى تُعد واحدة من أعرق وأفخم القاعات التى شهدتها، وفيها حافظت بريطانيا على تقليد منذ مئات السنين، وغير متكرر فى دول أوروبا الديمقراطية، وهو أن نواب الشعب المنتخبين يأتون فى يوم إلقاء الملكة خطابها فى مجلس اللوردات ليطرقوا باب المجلس العتيق، ثم يفتح لهم الحرس الباب ويدخلوا فى صمت ليستمعوا إلى خطاب «جلالة الملكة» واقفين، فى حين يبقى «اللوردات» فى مقاعدهم جالسين، فى مشهد نادر الحدوث إلا فى بريطانيا ذات التقاليد الملكية والديمقراطية معًا.

وقد تفسر هذه التقاليد العريقة جانبًا من المشاهد الحالية وهذا الالتفاف الشعبى الكبير حول الملكة فى حياتها وعقب وفاتها لأن الملكية البريطانية هى سلطة بالتراضى وليست بالإجبار، كما أنها تملك ولا تحكم، أى أنها رمز للأمة، ولديها بعض الصلاحيات، التى تتسع فى أوقات الطوارئ والأزمات الكبرى، ويعتبرها أغلب الشعب والنخب السياسية والحزبية مصدر الاستقرار فى النظام السياسى لأنها فوق الأحزاب والحكومة من الناحية المعنوية وليس من ناحية إدارة الحكم وتفاصيله.

الثقافة البريطانية إجمالًا ثقافة محافظة لا تميل إلى التغييرات الثورية، إنما عرفت ثورات من أجل إصلاح النظام القائم، وبالتالى تطورت نحو الملكية الدستورية، وليس النظام الجمهورى مثل فرنسا.

ستبقى تقاليد الملكية البريطانية العريقة ظاهرة فريدة لها «بريق الهدوء»، حتى لو كانت صراعات أحزابها تعرف «صخب السياسة»، فستبقى الملكية هناك عنوانًا للتوافق الثقافى والمجتمعى والسياسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقاليد العريقة التقاليد العريقة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 17:32 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تستكمل أغانيها مع الراحل محمد رحيم
  مصر اليوم - نانسي عجرم تستكمل أغانيها مع الراحل محمد رحيم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 07:32 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر التشكيل المثالي في الدوري الإنكليزي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 20:06 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فيلكس يتمنى تدريب فرق الناشئين في النادي الأهلي

GMT 11:03 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طريقة عمل الكيك بالبرتقال هشة وناجحة من أول مرة

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

"كاف" يُحدِّد أجمل أهداف آخر جولتين في تصفيات كأس أمم أفريقيا

GMT 18:40 2018 الأربعاء ,28 شباط / فبراير

"اسبانيول" يحطم صخرة الأمل لـ"ريال مدريد" الثلاثاء

GMT 05:02 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

تعرفي على طرق توظيف "الدهان اللامع" في الديكور

GMT 00:25 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

استغلال الإضاءة لتحديد المساحة يعزز قيمة الديكور

GMT 12:19 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيكة الشيكولاته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon