توقيت القاهرة المحلي 08:08:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

بقلم - عمرو الشوبكي

بوفاة ملكة بريطانيا، طُويت صفحة «شاهدة على عصور»، فقد تولّت عرش بريطانيا وعمرها 26 عامًا بعد وفاة والدها الملك جورج السادس، وبقيت ملكة 70 عامًا، وكان لها دور بارز فى شحذ همم البريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، فذهبت إلى الجنود، وزارت المصابين، وخطبت فى الشعب، وتركت بصمة حقيقية فى نفوس الناس، وظلت- رغم بقائها الطويل فى السلطة- محبوبة من الجماهير، وحَكَمًا بين السلطات.

وبدا لافتًا لكل مَن تابع رد الفعل داخل بريطانيا على وفاة الملكة أنها تمثل قيمة حقيقية لدى الناس ونقطة توافق داخل النظام السياسى، الذى حافظ على عراقة تقاليده رغم الحداثة والتطور.

فكل المذيعين الإنجليز الذين غطوا خبر وفاة الملكة ارتدوا رباطة عنق سوداء، وكذلك المذيعات ارتدين جميعًا ملابس سوداء حدادًا غير مصطنع على وفاتها، وتحدث الجميع بوقار وهدوء، كما أنه بدا مدهشًا أن كل نواب البرلمان والسياسيين فعلوا نفس الشىء، رجالًا ونساء، وتحدثت رئيسة الوزراء الجديدة فى مجلس العموم عن دور الملكة، وكيف أنها كانت رمزًا لوحدة بريطانيا، وأكد نفس الكلام ممثل المعارضة العمالية، الذى أضاف أن قاعة المجلس شهدت خلافات سياسية حادة، وبقيت الملكة فوق الخلافات.

وأذكر أنى زرت مجلسى العموم (البرلمان) واللوردات (المُعيَّن من قِبَل الملكة) منذ حوالى عشر سنوات، ولفتت نظرى قاعته المبهرة، التى تُعد واحدة من أعرق وأفخم القاعات التى شهدتها، وفيها حافظت بريطانيا على تقليد منذ مئات السنين، وغير متكرر فى دول أوروبا الديمقراطية، وهو أن نواب الشعب المنتخبين يأتون فى يوم إلقاء الملكة خطابها فى مجلس اللوردات ليطرقوا باب المجلس العتيق، ثم يفتح لهم الحرس الباب ويدخلوا فى صمت ليستمعوا إلى خطاب «جلالة الملكة» واقفين، فى حين يبقى «اللوردات» فى مقاعدهم جالسين، فى مشهد نادر الحدوث إلا فى بريطانيا ذات التقاليد الملكية والديمقراطية معًا.

وقد تفسر هذه التقاليد العريقة جانبًا من المشاهد الحالية وهذا الالتفاف الشعبى الكبير حول الملكة فى حياتها وعقب وفاتها لأن الملكية البريطانية هى سلطة بالتراضى وليست بالإجبار، كما أنها تملك ولا تحكم، أى أنها رمز للأمة، ولديها بعض الصلاحيات، التى تتسع فى أوقات الطوارئ والأزمات الكبرى، ويعتبرها أغلب الشعب والنخب السياسية والحزبية مصدر الاستقرار فى النظام السياسى لأنها فوق الأحزاب والحكومة من الناحية المعنوية وليس من ناحية إدارة الحكم وتفاصيله.

الثقافة البريطانية إجمالًا ثقافة محافظة لا تميل إلى التغييرات الثورية، إنما عرفت ثورات من أجل إصلاح النظام القائم، وبالتالى تطورت نحو الملكية الدستورية، وليس النظام الجمهورى مثل فرنسا.

ستبقى تقاليد الملكية البريطانية العريقة ظاهرة فريدة لها «بريق الهدوء»، حتى لو كانت صراعات أحزابها تعرف «صخب السياسة»، فستبقى الملكية هناك عنوانًا للتوافق الثقافى والمجتمعى والسياسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقاليد العريقة التقاليد العريقة



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon