توقيت القاهرة المحلي 17:19:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

  مصر اليوم -

التقاليد العريقة

بقلم - عمرو الشوبكي

بوفاة ملكة بريطانيا، طُويت صفحة «شاهدة على عصور»، فقد تولّت عرش بريطانيا وعمرها 26 عامًا بعد وفاة والدها الملك جورج السادس، وبقيت ملكة 70 عامًا، وكان لها دور بارز فى شحذ همم البريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، فذهبت إلى الجنود، وزارت المصابين، وخطبت فى الشعب، وتركت بصمة حقيقية فى نفوس الناس، وظلت- رغم بقائها الطويل فى السلطة- محبوبة من الجماهير، وحَكَمًا بين السلطات.

وبدا لافتًا لكل مَن تابع رد الفعل داخل بريطانيا على وفاة الملكة أنها تمثل قيمة حقيقية لدى الناس ونقطة توافق داخل النظام السياسى، الذى حافظ على عراقة تقاليده رغم الحداثة والتطور.

فكل المذيعين الإنجليز الذين غطوا خبر وفاة الملكة ارتدوا رباطة عنق سوداء، وكذلك المذيعات ارتدين جميعًا ملابس سوداء حدادًا غير مصطنع على وفاتها، وتحدث الجميع بوقار وهدوء، كما أنه بدا مدهشًا أن كل نواب البرلمان والسياسيين فعلوا نفس الشىء، رجالًا ونساء، وتحدثت رئيسة الوزراء الجديدة فى مجلس العموم عن دور الملكة، وكيف أنها كانت رمزًا لوحدة بريطانيا، وأكد نفس الكلام ممثل المعارضة العمالية، الذى أضاف أن قاعة المجلس شهدت خلافات سياسية حادة، وبقيت الملكة فوق الخلافات.

وأذكر أنى زرت مجلسى العموم (البرلمان) واللوردات (المُعيَّن من قِبَل الملكة) منذ حوالى عشر سنوات، ولفتت نظرى قاعته المبهرة، التى تُعد واحدة من أعرق وأفخم القاعات التى شهدتها، وفيها حافظت بريطانيا على تقليد منذ مئات السنين، وغير متكرر فى دول أوروبا الديمقراطية، وهو أن نواب الشعب المنتخبين يأتون فى يوم إلقاء الملكة خطابها فى مجلس اللوردات ليطرقوا باب المجلس العتيق، ثم يفتح لهم الحرس الباب ويدخلوا فى صمت ليستمعوا إلى خطاب «جلالة الملكة» واقفين، فى حين يبقى «اللوردات» فى مقاعدهم جالسين، فى مشهد نادر الحدوث إلا فى بريطانيا ذات التقاليد الملكية والديمقراطية معًا.

وقد تفسر هذه التقاليد العريقة جانبًا من المشاهد الحالية وهذا الالتفاف الشعبى الكبير حول الملكة فى حياتها وعقب وفاتها لأن الملكية البريطانية هى سلطة بالتراضى وليست بالإجبار، كما أنها تملك ولا تحكم، أى أنها رمز للأمة، ولديها بعض الصلاحيات، التى تتسع فى أوقات الطوارئ والأزمات الكبرى، ويعتبرها أغلب الشعب والنخب السياسية والحزبية مصدر الاستقرار فى النظام السياسى لأنها فوق الأحزاب والحكومة من الناحية المعنوية وليس من ناحية إدارة الحكم وتفاصيله.

الثقافة البريطانية إجمالًا ثقافة محافظة لا تميل إلى التغييرات الثورية، إنما عرفت ثورات من أجل إصلاح النظام القائم، وبالتالى تطورت نحو الملكية الدستورية، وليس النظام الجمهورى مثل فرنسا.

ستبقى تقاليد الملكية البريطانية العريقة ظاهرة فريدة لها «بريق الهدوء»، حتى لو كانت صراعات أحزابها تعرف «صخب السياسة»، فستبقى الملكية هناك عنوانًا للتوافق الثقافى والمجتمعى والسياسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقاليد العريقة التقاليد العريقة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 16:25 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

منى زكي تستعد لمشروع سينمائي جديد مع النجم عمرو يوسف
  مصر اليوم - منى زكي تستعد لمشروع سينمائي جديد مع النجم عمرو يوسف

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon