توقيت القاهرة المحلي 08:56:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجتمع المأزوم

  مصر اليوم -

المجتمع المأزوم

بقلم - عمرو الشوبكي

لم تعد مشكلة إسرائيل تكمن فقط فى حكومتها أو فى منظومة الحكم المتطرفة التى تدير البلاد، إنما أيضًا فى مجتمعها الذى ذهب نحو التطرف ودعم الإبادة الجماعية وقتل الأطفال والمدنيين وفق تبريرات دينية وعنصرية.

والحقيقة أن المجتمع الإسرائيلى ومنظومة حكمه المتطرفة أعادت النظر فى كثير من المقاربات الاجتماعية التى رفضت الحديث عن «المشكلات البنيوية» لمجتمع من المجتمعات، وكانت فى صالح تقدم وتحول أى مجتمع نحو العدالة والمساواة طالما امتلك سياقًا سياسيًا يعزز ذلك ودولة قانون وديمقراطية.

والحقيقة أن دعم الغالبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلى لهذا العدوان الغاشم على قطاع غزة فتح الباب أمام مراجعة هذه الرؤى والتصورات التى لم تعتبر أن هناك عيوبًا هيكلية فى بنية أى مجتمع مرتبطة بجوهر ثقافته ومنظومة قيمه وركزت على السياق السياسى والاجتماعى القادر على تغيير هذه المجتمعات نحو قيم حداثية أكثر تقدمًا وإيمانًا بالمساواة.

يقينًا حالة «الهستيريا» الإسرائيلية فى ممارسة الانتقام وقتل المدنيين من الصعب أن نجدها فى تجارب بلدان استعمارية أخرى، وإن خطاب النخبة الإسرائيلية فى الداخل والخارج لا يحرض فقط على الكراهية والعنصرية، إنما يعطى غطاء سياسيًا لجرائم الإبادة الجماعية وقتل المدنيين والأطفال بشكل متعمد، وهذا الخطاب بات مدعومًا من الغالبية العظمى من المجتمع الإسرائيلى وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ الحروب الاستعمارية الحديثة.

حيث اختار المجتمع منظومة قيم الإبادة الجماعية والقتل والتهجير كحل للقضية الفلسطينية، وأصبح كأنه جزء من حروب ما قبل الميلاد أو بعض حروب القرون الوسطى التى طرحت فيها مثل هذه الأفكار والممارسات، ولم تعرفها تجارب الاستعمار الحديثة والمعاصرة على كل مساوئها.

إن من يتابع تصريحات النخب الإسرائيلية من كل الاتجاهات سيرى حجم التحريض على القتل والإبادة الجماعية، وبدت المشكلة متجذرة فى بنية المجتمع الإسرائيلى لأسباب هيكلية تتعلق بالنشأة التى قامت من الأساس على نفى الآخر والعمل على إزالته من الوجود وهى مسألة لم تحدث حتى فى جنوب إفريقيا، حيث بقيت الغالبية السمراء فى بلادها، حتى لو حُرمت من حقوقها السياسية ومورس بحقها تمييز عنصرى بغيض.

المجتمع الإسرائيلى فى اللحظة الحالية يعانى من أزمة هيكلية فى بنية ثقافته ومنظومة قيمه، صحيح أن تواطؤ العالم الغربى مع إسرائيل واعتبارها دولة محصنة فوق القانون الدولى والمحاسبة عزز من هذه الأزمة الهيكلية فى بنية المجتمع الإسرائيلى وأدى إلى تراجع تحليلات المدارس الاجتماعية التى تراهن دائمًا على قدرة السياق السياسى ودولة القانون والديمقراطية على مواجهة عيوب أى مجتمع وتصويبها، إلا أن ما جرى فى إسرائيل كان العكس، وهو أن منظومة القيم العدوانية التى تعمقت داخل المجتمع منذ نشأة الدولة العبرية هى التى طوعت مبادئ الديمقراطية ودولة القانون لصالح هذا التحريض على القتل وجرائم الإبادة الجماعية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المأزوم المجتمع المأزوم



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 08:44 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا
  مصر اليوم - الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon