بقلم:عمرو الشوبكي
شارك حوالى 360 أوروبيا موزعين على 27 بلدا لاختيار 720 عضوا فى البرلمان الأوروبى، فى مناخ مثقل بأزمات اقتصادية وحرب فى أوكرانيا، بجانب تحديات تواجه علاقة الاتحاد بكل من الصين وروسيا والولايات المتحدة.
وقد تراجعت قوة تكتل أحزاب اليمين المتحالف مع يسار الوسط دون أن تفقد أغلبيتها النسبية خاصة بعد تراجع حزب الرئيس الفرنسى ماكرون الذى تراجع من 102 مقعد إلى 83 مقعداً، كما زادت قوة أحزاب اليمين المتطرف فى البرلمان الأوروبى دون أن تحصل على أغلبية، وفى نفس الوقت تراجعت أحزاب الخضر واليسار الجديد فى أكثر من بلد أوروبى، حيث حصلت الأولى على 53 عضوًا مقارنة بـ 72 فى البرلمان السابق.
وقد تصاعدت قوة أحزاب اليمين المتطرف فى أكثر من بلد أوروبى كبير؛ على رأسها فرنسا وألمانيا وهولندا والنمسا وإيطاليا، بما يعنى أن مستقبل أوروبا وكثير من قرارتها بات متوقفا على رؤية هذه الأحزاب التى وإن لم تحقق أغلبية إلا أنها باتت قادرة على أن تعرقل كثيرا من قرارات الاتحاد عبر كتلتها البرلمانية الكبيرة.
ومن بين المهام الأولى لأعضاء البرلمان الأوروبى الموافقة على ترشيح رئيس للمفوضية الأوروبية، حيث تأمل الرئيسة الحالية «أورسولا فون دير لاين» فى تأمين فترة ولاية ثانية، فى ظل واقع برلمانى يقول إنه لا يوجد حزب أو تيار يتمتع منفردا بالأغلبية، وغالباً ما تتم عملية اختيار رئيسة المفوضية عن طريق إيجاد ائتلاف بين التكتلات يحظى بالأغلبية المطلوبة.
وكان المجلس يهيمن عليه دائما مجموعتان كبيرتان: حزب الشعب الأوروبى من يمين الوسط، والاشتراكيون من يسار الوسط.. والآن أصبحت الآن ثلاث كتل كبرى بعد صعود أقصى اليمين مختلفة فى توجهاتها الفكرية والسياسية.
والحقيقة أن هذا الصعود سينعكس على ثلاثة ملفات رئيسية: الأول ملف توسيع عضوية الاتحاد الأوربى. وهنا من المتوقع أن تتخذ أحزاب أقصى اليمين موقفا أكثر تشددا من ضم دول جديدة للاتحاد وخاصة أوكرانيا. أما ملف الهجرة فستحرص هذه الأحزاب على إجراء مزيد من التشدد فى مواجهة المهاجرين الأجانب وطالبى اللجوء وستتمسك بالهوية الوطنية أساسا لكل دولة، ولكنها لن تتخلى عن هويتها الأوروبية فى مواجهة المهاجرين الأجانب والثقافات الأخرى وخاصة العرب.
أما الملف الثالث، فيتعلق بالنظرة للحرب فى أوكرانيا، فأحد أسباب صعود حزب أقصى اليمين فى فرنسا كان تصريحات ماكرون المثيرة للنقد والسخرية المتعلقة بإرسال جنود فرنسيين للحرب مع أوكرانيا؛ حيث أثار الموقف المحايد والداعم للتسوية السلمية بين روسيا وأوكرانيا الذى رفعه حزب التجمع الوطنى الفرنسى ومعه باقى أحزاب أقصى اليمين أحد أسباب صعودهم جميعا فى الانتخابات الأخيرة.
ستختلف علاقة أوروبا مع روسيا، وربما تكون نقطة انطلاق هذه الأحزاب هى مساهمتهم فى إيقاف الحرب فى أوكرانيا