توقيت القاهرة المحلي 15:56:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اشتباك بالتونسى 2-2

  مصر اليوم -

اشتباك بالتونسى 22

بقلم عمرو الشوبكي

فيلم «اشتباك» هو واحد من الأفلام القليلة التى ظهرت مؤخرا على الساحة الفنية المصرية، وأثارت ردود فعل واسعة وكأنه حدث سياسى وليس فيلما سينمائيا، فقد دعمه تيار واسع، وهاجمه تيار واسع أيضا، صحيح أن بعضه انتمى إلى كتائب الجهل النشيط، التى وصفت الفيلم بأنه إخوان وجزء من المؤامرة الكونية على مصر، وكأنها تتحدث عن فيلم آخر لا علاقة له بـ«اشتباك» محمد دياب، فى حين استقبله الجمهور التونسى بحفاوة منقطعة النظير، فى مشهد لم يتكرر منذ سنوات.

الفيلم يتحدث عن عربة ترحيلات ضمت الأطياف السياسية والاجتماعية المتصارعة فى مصر، ويرصد الفترة التى أعقبت 3 يوليو وعزل محمد مرسى، والمصادمات الدموية التى شهدتها المدن المصرية بين الإخوان وأنصارهم من جانب، وبين القوى الداعمة للجيش والتغيير الذى حدث عقب 30 يونيو من جانب آخر.

عربة الترحيلات هى صورة من مصر، والمعنى السياسى الأهم الذى أرسلته للمشاهد هو أن المجتمع الذى يفشل فى التعايش مع بعضه سيجد دائما سلطة مستبدة تقمعه وتفرض عليه الوصاية، وإذا أراد أن يتحرر من هذه السلطة فعليه أن يُبدى قدرة على التعايش الداخلى بين أطرافه المختلفة.

الرسالة كانت بالمعنى العام أو الواسع دقيقة وذات دلالة، صحيح أن أطراف التعايش الذى تحدث عنهم الفيلم هم ثلاثة: مؤيدو النظام الجديد، وشباب أقرب إلى بروفايل شباب الثورة المدنى، وأخيرا الإخوان المسلمون، وهنا سيقول البعض- وهم محقون- كيف يمكن قبول مَن حمل السلاح وحرَّض على القتل من جماعة الإخوان فى أى صيغة تعايش؟!

الحقيقة أن الفيلم أدان الإخوان بحدة وعمق بعيدا عن الكلام الأهبل الذى يردده البعض فى مصر، حين عرض بشكل بارع كيف يعمل تنظيمهم المغلق، وقدم التسلسل التنظيمى داخل الجماعة، وهو مشهد اختصر بإبداع كبير رسائل دكتوراه عديدة عن تنظيم الإخوان، فأظهر ثقافة السمع والطاعة، وتعدد المستويات التنظيمية داخل الجماعة، والفارق بين الأخ العامل والأخ المساعد أو المحب، كل ذلك لخصه الفيلم ببساطة فى الحوار الذى تم بين أعضاء الجماعة فيما بينهم، وكيف أن ما قاله سيد قطب فى كتب كثيرة عن العزلة الشعورية (بمعنى الانفصال الشعورى عن المجتمع) والاستعلاء الإيمانى على الناس العادية من خلق الله أظهره الفيلم فى دقائق ببراعة وحرفية غير مسبوقة فى كل الأعمال الفنية التى خرجت عن الإخوان، ودون أى ابتذال.

وظلت قضية الفيلم الأساسية أنه بصرف النظر عمن المخطئ ومَن الذى يتحمل أكثر مسؤولية الفشل، فإن الحصيلة النهائية تقول إن فشل المجتمع ونخبته السياسية فى التعايش مع بعضهم البعض (حتى لو كان السبب فى ذلك هو الإخوان فقط) فالنتيجة واحدة، هى مجىء قوة قهرية أو جبرية تحكم البلاد.

والحقيقة أن الفيلم عبر بإبداع فنى رائع عن هذه المعادلة، التى لم يختلف عليها حتى معظم مَن أيدوا تدخل الجيش فى 3 يوليو، وهى أنه لم يكن هناك بديل إلا استدعاء قوة إجبار أو كما سبق أن سميناها (سلطة الوصاية)، التى مهما قيل عن أنها لم تحاول بعد ذلك أن تحل هذه الانقسامات السياسية، بل يرى البعض أنها عمقتها، إلا أن تدخلها لم يكن سيحدث لولا الفشل الذى تتحمله جميع القوى المشاركة فى ثورة يناير.

فى الحقيقة نحن أمام فيلم رفيع المستوى من الناحية الفنية ومن ناحية الرسالة السياسية، ولذا حاربه البعض فى مصر، ورحب به كل صاحب عقل وحس فنى أو سياسى، حتى لو اختلف مع بعض مضامينه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اشتباك بالتونسى 22 اشتباك بالتونسى 22



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 13:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته
  مصر اليوم - تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon