بقلم - عمرو الشوبكي
نشرت، أمس، صحف ووسائل إعلام عالمية ما عُرف بالمسودة الأوروبية للاتفاق النووى بين إيران والولايات المتحدة، والذى فى حال توقيع الجانبين عليه سيعنى تحولًا كبيرًا على الساحتين الإقليمية والدولية.
والحقيقة أن الإطار الحاكم للمفاوضات الماراثونية، التى جرت فى فيينا وأفرزت فى النهاية هذه المسودة، هو رؤية تقوم على فرض قيود صارمة على برنامج إيران النووى تحول تحت أى ظرف دون قدرتها على امتلاك سلاح نووى فى مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وهى تعكس تصورًا «إدماجيًّا» تبَنّته أوروبا ومعها الإدارة الأمريكية الديمقراطية (أوباما ثم بايدن)، ويقوم على أن إيران يمكن دمجها فى المنظومة العالمية، وإذا تعذر التطبيع الكامل معها، فإنه على الأقل يمكن تحويلها من دولة معارِضة من خارج النظام الدولى إلى معارِضة من داخله.
وقد تضمن المقترح الأوروبى 4 مراحل، وفترتين زمنيتين، تستغرق كل منهما 60 يومًا، حيث سيشهد اليوم التالى لتوقيع الاتفاق رفع العقوبات عن 17 بنكًا و150 مؤسسة اقتصادية إيرانية، فى مقابل أن تبدأ إيران بالتراجع التدريجى عن خطواتها النووية، كما سيتم الإفراج عن 7 مليارات دولار من أموالها المجمدة فى كوريا الجنوبية.
كما يعطى المقترح أيضًا الحق لإيران بعد ١٢٠ يومًا من التوقيع عليه فى تصدير 2.5 مليون برميل نفط فى مقابل ٥٠ مليون برميل طوال الـ١٢٠ يومًا الأولى.
وبالرغم من أن إيران لم تكشف تفاصيل ردها على المقترح الأوروبى، فإن وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» أفادت بأن نقاط التباين المتبقية تدور حول 3 قضايا، أعربت فيها أمريكا عن مرونتها اللفظية فى حالتين، لكن «يجب إدراجهما فى النص»، وتتعلق الثالثة بـ«ضمان استمرار تنفيذ الاتفاق» فى حال التوقيع عليه، خاصة فى ظل تخوف إيرانى من انسحاب أمريكى جديد، فى حال مجىء إدارة جمهورية كما جرى منذ أربع سنوات مع إدارة ترامب، التى انسحبت من الاتفاق النووى الذى وقعه سلفه الرئيس أوباما.
كما تمسكت الولايات المتحدة برفض طلب طهران إزالة اسم الحرس الثورى من قائمة واشنطن للمنظمات الإرهابية، وهو مطلب خليجى أيضًا، فى مقابل تمسك إيران بتحقيق فوائد اقتصادية كاملة من الاتفاق النووى، خصوصًا فى مجال رفع العقوبات، وعدم تكرار الانسحاب الأمريكى منه.
كما أعلنت إسرائيل رفضها مسودة المقترح الأوروبى، واعتبرته يتجاوز خطوط إدارة بايدن الحمراء.
من الواضح أن الولايات المتحدة وإيران باتتا أكثر من أى وقت مضى قريبتين من التوقيع على اتفاق نووى جديد، وقد يكون عدم رفع الحرس الثورى من قائمة التنظيمات الإرهابية عامل طمأنة لبعض الدول الخليجية، التى تضررت من تدخلات إيران فى شؤونها الداخلية، وقد يكون هذا الاتفاق بداية لكى تراجع إيران سياساتها فى العالم العربى كما ستفعل مع الولايات المتحدة والعالم.