بقلم : عمرو الشوبكي
أرسل لى الدكتور أحمد هوبى تعليقين على مقالين مختلفين أحدهما يتعلق بمصر (الأدوات السياسية) والذى أشرت فيه إلى جوانب القصور أو الكمون فى سياسة مصر الخارجية وغياب الأدوات السياسية، والثانى حول تأثير القوى الإقليمية على الأزمة السودانية.
عطفا على مقالكم «أدوات سياسية» الذى تنتقد فيه غياب مصر سياسيا عن السودان وليبيا وسوريا فأنا أعتقد أن مصر تمر بمرحلة كمون استراتيجى لبناء الداخل وغياب أدوات تقديم نموذج ملهم للخارج أو للجيران وغياب القوة الاقتصادية القادرة على تحريك الأحداث أو التدخل فى مجريات الصراعات، وده مفهوم لاعتبارات كثيرة فصانع القرار بمصر يرى أن أى اشتباك سياسى أو دبلوماسى هو إرهاق لمصر ومعوق فى رحلة بناء مصر كنظام واقتصاد... إلخ، أتفهم أن مصر الدور والمكانة والتاريخ لا تمتلك رفاهية الصمت على دول الجوار لكن مصر بظروفها الحالية لا تمتلك فائض القوة معنويا أو سياسيا للاشتباك والتفاعل إلا بحدوده الدنيا أمنيا وعسكريا، ناهيك عن الحساسية المفرطة من الأشقاء بالسودان لأى تدخل مصرى سياسيا. وشكرا لسعة صدركم.
أما التعليق الثانى فكان حول الأوضاع الخطرة فى السودان وأشير فيه إلى ضرورة البحث عن الرجل الجسر أو المشروع الجسر بين النظامين القديم والجديد، وبين الأطراف السياسية المتصارعة وتحديدا بين المجلس العسكرى وقوى الحرية والتغيير وجاء فيها:
تعليقا على مقالك المهم والأخير بخصوص السودان رغم تشريحك للمأزق السودانى بدقة شديدة، إلا أنك أغفلت البعدين الإقليمى والدولى فى تعقيد المشهد السودانى، فالسودان تحول إلى مربع على رقعة الشطرنج فى الصراع المحتدم بين الرباعية العربية والمحور القطرى التركى الإيرانى والمحتدم على ساحات ممتدة بطول المنطقة من ليبيا وسوريا واليمن ولبنان، وأخيرا السودان، وقريبا، إن لم يكن حدث بالفعل، الجزائر، فتراجع أى من الطرفين فى أى ملف يقابله تكثيف الضغوط فى نقاط أخرى وخلط الملفات وحروب الوكالة مشتعلة مع التهاب الموقف بالخليج العربى وضبابية المشهد الجزائرى، فالسودان ساحة مهمة وجيوستراتيجية للضغط على المجلس العسكرى بالسودان الحليف للرباعية العربية والسودان بحكم تنويعه الإثنى والعرقى والدينى وتجربته التاريخية سياسيا وألمه التاريخى مكشوف جدا لكل أنواع حروب الوكالة وتصفية الحسابات فى معركة عض الأصابع تمهيدا لتسوية شاملة لملفات المنطقة وهندسة سياسية لخاصرة العالم الضعيفة، أى السودان، حيث مخازن النفط وطرق عبوره وطرق التجارة بين الشرق والغرب، حيث يختلط الدين بالأسطورة بالتاريخ بالألم والأمل، فكل القوى الإقليمية والدولية تسعى فقط لتحسين وضعها التفاوضى بامتلاك أوراق ضغط ووكلاء لها.
ورغم قناعاتى بتأثير القوى الإقليمية فى السودان فإن التفاعلات الداخلية فى السودان مازالت هى الحاسمة فى صنع مستقبل السودان.