توقيت القاهرة المحلي 11:25:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخبرة التركية

  مصر اليوم -

الخبرة التركية

بقلم - عمرو الشوبكي

ربما أهم ما قدمته الخبرة السياسية التركية منذ تأسيس جمهوريتها، على يد مصطفى كمال أتاتورك فى أكتوبر 1923، تمثل فى تحولها وتغير قواعدها دون حدوث قطيعة مع جوهر مبادئها العلمانية والمدنية.

فلم تنتقل تركيا من نظام علمانى إلى دينى، ولم تعرف نظاما رأسماليا تحول نحو الاشتراكية، إنما بقيت تحمل صورا مختلفة من النظام العلمانى والرأسمالى ومن العلاقة مع الغرب.

والحقيقة أن الجمهورية التركية التى أسسها مصطفى كمال أتاتورك فرضت منظومة قيم جديدة على المجتمع «من أعلى»، وأطلق برنامجًا صارمًا للإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية بهدف بناء دولة قومية حديثة وعلمانية، فألغى الخلافة العثمانية، وسيطرت الدولة على كل المدارس وألغت التعليم الدينى وتطبيق الشريعة، وحظرت تعدد الزوجات، كما منعت النساء من ارتداء الحجاب وجعلت الأذان باللغة التركية، ولكن فى نفس الوقت أعطت الجمهورية الناشئة المرأة حقوقًا متساوية بما فى ذلك الحق فى التصويت وشغل المناصب الحكومية، كما نفذ سياسة التتريك ضد الأقليات العرقية، وقام بتغيير أسماء المدن والأماكن إلى اللغة التركية مثل القسطنطينية التى أصبحت إسطنبول وغيرها.

والمؤكد أن بدايات التجربة العلمانية التركية كانت إقصائية وفرضت نموذجا حداثيا علمانيا يستبعد الدين من المجال العام وليس فقط المجال السياسى، ولكنها فى نفس الوقت فصلت الدين عن السياسة وهى قيمة ظلت باقية حتى الآن رغم تغير نظمها الحاكمة.

أما التيارات المحافظة والدينية فقد انتقلت من تجاربها الأولى التى كانت تقوم أساسا على العداء للجمهورية العلمانية، وخاصة تجربة حزب النظام الوطنى الذى كان طوال الستينيات فى عداء مستحكم وعنيف مع النظام العلمانى- إلى التطبيع مع جوهر مبادئ العلمانية، واعتبر أردوجان وحزب العدالة والتنمية نفسه حزبا محافظا ديمقراطيا وليس إسلاميا أو دينيا، وأسس لنظام أقرب لعلمانيات كثيرة متصالحة مع القيم والمبادئ الدينية، ودعم عودة المظاهر الدينية فى المجال العام وليس المجال السياسى كأيديولوجية دينية، كما لم تعد مسوغات وجود الأحزاب المحافظة هى العداء للجمهورية العلمانية إنما أصبحت صور ومبادئ أتاتورك حاضرة فى كل مؤسسات الدولة السياسية والإدارية والقضائية ويقبلها الجميع.

أما حزب الشعب الجمهورى «حارس العلمانية» الذى حرض الجيش ضد رفيقهم السابق «عدنان مندريس» فى خمسينيات القرن الماضى، عاد ورفض محاولة الجيش فى الانقلاب على أردوجان فى 2016 ولم يستدعه للتدخل فى المسار السياسى حتى لو طالب بضرورة احترامه. نجحت التجربة التركية فى حل الجانب الأكبر من تناقضاتها الداخلية بين العلمانيين والمتدينين بطريقة سلمية مدنية، وحولت من كانوا إسلاميين معادين للجمهورية التركية إلى محافظين متدينين يؤمنون بالعلمانية المتصالحة مع الدين، كما حولت أغلب العلمانيين المتشددين الذين يرفضون أى مظهر دينى فى المجال العام إلى «علمانيين طبيعيين» يرفضون تسييس الدين والأيديولوجيات الدينية ولكن يقبلون بحضوره فى المجال العام والثقافى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخبرة التركية الخبرة التركية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon